بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
صحيفة التوحيد وشرح الأسماء الحسنى
إعداد وترتيب
شرح أسماء الله الحسنى
من خاتمة كتاب : عدة الداعي و نجاح الساعي
لأبن فهد الحلي رحمه الله
فصل
( في أسماء الله الحسنى وشرحها )
[b]و قد أحببت : أن أختم هذه الرسالة ، بذكر أسمائه الحسنى .
بوجهين : أما أولا : فلأن المقصود: من وضع هذا الكتاب، التنبيه على ما يكون سببا لإجابة الدعاء.
وقال الله تبارك و تعالى : { وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها (179)}الأعراف
[1].</SPAN>
وَ
قَدْ رَوَى الصَّدُوقُ : بِإِسْنَادِهِ ، مَرْفُوعاً إِلَى عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْهَرَوِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ اسْماً .
مَنْ : دَعَا اللَّهَ بِهَا ، اسْتَجَابَ لَهُ .
وَ مَنْ : أَحْصَاهَا ، دَخَلَ الْجَنَّةَ .
و أما ثانيا : فلنشرف : هذه الرسالة ، و ليكون ختامها مسك .
ثم أردفها : بشرحها ، على وجه وجيز ، لا باختصار مخل ، و لا بإطناب ممل .
ليكون ذلك : كالعقيدة ، لسامعها، و قارئها، و حافظها، و واعيها، و كاتبها .
فيبلغ بذلك : حقيقة التوحيد ، و لعل إلى هذا أشار الصدوق رحمه الله ، بقوله :
معنى أحصاه : هو الإحاطة لها ، و الوقوف على معانيها .
و ليس : معنى الإحصاء عدها
[2]. </SPAN>
وَرَوَى الصَّدُوقُ أَيْضاً : بِإِسْنَادِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم :
إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى : تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ أسْماً ، مِائَةً إِلَّا وَاحِداً .
مَنْ أَحْصَاهَا : دَخَلَ الْجَنَّةَ .
وَ هِيَ :اللَّهُ :
الْإِلَهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الْأَوَّلُ
الْآخِرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْقَدِيرُ الْقَاهِرُ
الْعَلِيُّ الْأَعْلَى الْبَاقِي الْبَدِيعُ الْبَارِئُ
الْأَكْرَمُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْحَيُّ الْحَكِيمُ
الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ الْحَفِيظُ الْحَقُّ الْحَسِيبُ
الْحَمِيدُ الْحَفِيُّ الرَّبُّ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
الذَّارِي الرَّازِقُ الرَّقِيبُ الرَّءُوفُ الرَّائِي
السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ
الْمُتَكَبِّرُ السَّيِّدُ السُّبُّوحُ الشَّهِيدُ الصَّادِقُ
الصَّانِعُ الطَّاهِرُ الْعَدْلُ الْعَفُوّ الْغَفُورُ
الْغَنِيُّ الْغِيَاثُ الْفَاطِرُ الْفَرْدُ الْفَتَّاحُ
الْفَالِقُ الْقَدِيمُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ الْقَوِيُّ
الْقَرِيبُ الْقَيُّومُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ قَاضِي الْحَاجَاتِ
الْمَجِيدُ الْوَلِيُّ الْمَنَّانُ الْمُحِيطُ الْمُبِينُ
الْمُقِيتُ الْمُصَوِّرُ الْكَرِيمُ الْكَبِيرُ الْكَافِي
كَاشِفُ الضُّرِّ الْوَتْرُ النُّورُ الْوَدُودُ الْوَهَّابُ
النَّاصِرُ الْوَاسِعُ الْهَادِي الْوَفِيُّ الْوَكِيلُ
الْوَارِثُ الْبَرُّ الْبَاعِثُ التَّوَّابُ الْجَلِيلُ
الْجَوَادُ الْخَبِيرُ الْخَالِقُ خَيْرُ النَّاصِرِينَ الدَّيَّانُ
الشَّكُورُ الْعَظِيمُ اللَّطِيفُ الشَّافِي [3].</SPAN>
فـ الله : أشهر أسماء الله تعالى .
و
أعلاه : محلا ، في الذكر و الدعاء ، و تسمت به سائر الأسماء .
1
الْإِلَهُ : المحبوب حتى العبادة .
والوله : هو الحب الشديد والوجد فيه ، والإله هو المعبود الذي يشتاق للتوجه له وعبوديته الخلائق بالفطرة ، فيشكروه على نعمه ويطلبون منه كل خير ورحمة
[4].</SPAN>
2 ، 3
الْواحِدُ ، الأحد : هما اسمان يشملهما ، نفي الأبعاض عنهما و الأجزاء .
و الفرق بينهما من وجوه :
الأول : أن الواحد هو المنفرد بالذات ، و الأحد هو المنفرد بالمعنى .
الثاني : أن الواحد أعم موردا ، لكونه يطلق على من يعقل و غيره ، و لا يطلق الأحد إلا على من يعقل .
الثالث : أن الواحد يدخل في الضرب و العدد ، و يمتنع دخول الأحد في ذلك .
4
الصَّمَدُ : هو السيد الذي يصمد إليه في الأمور ، و يقصد في الحوائج و النوازل .
و أصل الصمد : القصد ، تقول : صمدت صمد هذا الأمر ، أي قصدت قصده.
و قيل الصَّمَدُ : الذي ليس بجسم و لا جوف .
5 ، 6
الْأَوَّلُ : هو السابق للأشياء، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، لا شيء قبله .
الْآخِرُ : هو الباقي بعد فناء الخلق .
و ليس : معنى الآخر ، ما له الانتهاء .
كما ليس : معنى الأول ، ما له الابتداء .
فهو : الأول ، و الآخر .
7
السَّمِيعُ : بمعنى السامع ، يسمع السر و النجوى .
سواء عنده : الجهر و الخفوت ، و النطق و السكوت .
و قد يكون السماع : بمعنى القبول و الإجابة .
{ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ (104) } التوبة . و يسمع الدعاء .
و قيل السَّمِيعُ : العالم بالمسموعات ، و هي الأصوات و الحروف .
و ثبوت ذلك له : ظاهر ، لأنه لا يغيب عنه شيء من أصوات خلقه .
أو لأنه : عالم بكل شيء معلوم ، فيدخل في ذلك البصير .
8
الْبَصِيرُ : و هو المبصر ، أي عالم بالخفيات .
و قيل : الْبَصِيرُ : العالم بالمبصرات .
9
الْقَدِيرُ : بمعنى القادر ، و هو من القدرة على الشيء و التمكن منه .
فلا يطيق : الامتناع عن مراده ، و لا يستطيع الخروج عن إصداره و إيراده .
10
الْقاهِرُ : هو الذي قهر الجبابرة ، و قهر عباده بالموت .
و لا تطيق : الأشياء ، الامتناع منه مما يريد الإنفاذ فيها .
11
الْعَلِيُّ : المتنزه عن صفات المخلوقين ، تعالى أن يوصف بها .
و قد يكون : بمعنى العالي فوق خلقه بالقدرة عليهم .
أو الترفع بالتعالي : عن الأشباه و الأنداد ، و عما خاضت فيه وساوس الجهال ، و ترامت إليه أفكار الضلال .
فهو : متعال عما يقول الظالمون ، علوا كبيرا .
12
الْأَعْلَى : بمعنى الغالب، كقوله تعالى : { لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (68)}طه .
و قد يكون : بمعنى المتنزه عن الأمثال ، و الأضداد و الأشباه و الأنداد .
13
الْبَاقِي : هو الذي لا تعرض عليه عوارض الزوال ، و بقاؤه غير متناه و لا محدود .
و ليست : صفة بقائه و دوامه ، كبقاء الجنة و النار و دوامهما .
لأن بقاءه : أزلي ، أبدي .
و بقاءهما : أبدي غير أزلي .
و معنى الأزل : ما لم يزل .
و معنى الأبد : ما لا يزال .
و الجنة و النار : مخلوقتان ، بعد أن لم تكونا .
فهذا : فرق ما بين الأمرين .
14
الْبَدِيعُ : هو الذي فطر الخلق مبتدعا لها ، لا على مثال سابق ، و هو فعيل على مفعل ، كأليم بمعنى مؤلم .
و البدع : هو الذي يكون أولا في كل شيء .
كقوله تعالى : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ (9)} الأحقاف .
أي لست : بأول مرسل.
15
الْبارِئُ : الخالق ، و يقال : برأ الله الخلق ، أي خلقهم .
كما يقال : بارئ النسم ، و هو الذي فلق الحبة ، و برأ النسمة .
و بارئ البرايا : أي خالق الخلائق ، و البرية : الخليقة .
16
الْأَكْرَمُ : معناه الكريم ، و قد يجيء أفعل في معنى فعيل .
كقوله تعالى : { وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ (27) } الروم ، أي هين عليه .
{ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) } الليل . يعني : الشقي ، و التقي .
و أنشد في هذا المعنى شعر :
إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتا قوائمه أعز و أطول
17
الظَّاهِرُ : بحججه الباهرة ، و براهينه النيرة .
و شواهد : أعلامه الدالة ، على ثبوت ربوبيته ، و صحة وحدانيته .
فلا موجود : إلا و هو يشهد بوجوده ، و لا مخترع إلا و هو يعرب عن توحيده .
شعر :
و في كل شيء له آية تدل على أنه واحد
وقد يكون: بمعنى الغالب القادر .
كقوله تعالى: { فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (14)}الصف.
18
الْباطِنُ : المحتجب عن إدراك الأبصار ، و تلوث الخواطر و الأفكار .
فهو : الظاهر ، الخفي .
الظاهر : بالدلائل و الأعلام .
و الخفي : بالكنه عن الأوهام .
احتجب : بالذات ، و ظهر بالآيات .
فهو : الباطن بلا حجاب ، و الظاهر بلا اقتراب .
و قد يكون : بمعنى البطون ، و هو الخبر .
و بطانة الرجل : وليجته ، الذين يداخلهم و يداخلونه في أمره .
و المعنى : أنه عالم بسرائرهم ، فهو عالم بسرائر القلوب ، و المطلع على ما بطن من الغيوب .
19
الْحَيُّ : هو الفعال المدرك .
و هو حي بنفسه : لا يجوز عليه الموت و الفناء، و ليس بمحتاج إلى حياة بها يحيى.
20
الْحَكِيمُ : هو المحكم لخلق الأشياء .
و معنى : الإحكام لخلق الأشياء ، إتقان التدبير ، و حسن التصوير و التقدير .
و قيل الْحَكِيمُ : العالم ، و الحكم في اللغة العلم .
لقوله تعالى : { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ و الْحَكِيمُ* أيضا الذي لا يفعل القبيح و لا يخل بالواجب و الْحَكِيمُ* هو الذي يضع الأشياء في مواضعها فلا يعترض عليه في تقديره و لا يتسخط عليه في تدبيره.
21
الْعَلِيمُ : هو العالم بالسرائر و الخفيات ، التي لا يدركها عالم الخلق .
لقوله تعالى : { وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)} الحديد .
{ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) } سبأ.
عالم : بتفاصيل المعلومات ، قبل حدوثها ، و بعد وجودها .
22
الْحَلِيمُ : ذو الصفح و الأناة .
الذي : لا يغيره جهل جاهل ، و لا غضب غاضب ، و لا عصيان عاص .
23
الْحَفِيظُ : هو الحافظ ، يحفظ السماوات و الأرض و ما بينهما .
و يحفظ عبده : من المهالك و المعاطب ، و يقيه مصارع السوء .
24
الْحَقُّ : هو المتحقق ، كونه و وجوده .
و كل شيء : يصح ، وجوده و كونه .
فهو : حق .
كما يقال : الجنة حق كائنة ، و النار حق كائنة .
25
الْحَسِيبُ : هو الكافي ، تقول : حسبك درهم ، أي كفاك .
كقوله تعالى : { حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) } الأنفال .
أي هو : كافيك .
و الحسيب أيضا : بمعنى المحاسب .
كقوله تعالى : { كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} الإسراء. أي محاسبا .
و الحسيب أيضا : المحصي ، و العالم .
26
الْحَمِيدُ : هو المحمود ، الذي استحق الحمد بفعاله .
أي يستحق الحمد : في السراء و الضراء ، و في الشدة و الرخاء .
27
الْحَفِيُّ : معناه العالم . قال الله تعالى :
{ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا (187) }الأعراف ، أي : عالم بوقت مجيئها .
و قد يكون الحفي : بمعنى اللطيف ، و معناه المحتفي بك ، يبرك و يلطفك .
28
الرَّبُّ : المالك ، و كل من ملك شيئا فهو ربه .
و منه قوله : { ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ (50)}يوسف ، أي سيدك و مليكك .
و قال قائل : يوم حنين ، لأن يربني رجل من قريش ، أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن ، يريد يملكني ، و يصير لي ربا و مالكا .
و لا يدخل : الألف و اللام ، على غير المعبود سبحانه تعالى ، لأنهما للعموم .
و هو المالك : لكل شيء .
و إنما يطلق : على غيره بالنسبة إلى ما يملكه ، و يضاف إليه .
و الربانيون : نسبوا إلى التأله ، و العبادة للرب .
لانقطاعهم إليه : و إلمامهم بحضرة خدمته .
و الربانيون : الصابرون مع الأنبياء ، الملازمون لهم .
29
الرَّحْمنُ : بجميع خلقه .
إذ هو : ذو الرحمة الشاملة ، التي وسعت الخلق في أرزاقهم ، و أسباب معاشهم .
و عمت : المؤمن و الكافر ، و الصالح و الطالح .
30
الرَّحِيمُ : بالمؤمنين ، يخصهم برحمته .
قال الله تعالى : { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) }الأحزاب .
و الرَّحْمنُ و الرَّحِيمُ : اسمان موضوعان للمبالغة، و مشتقان من الرحمة ، وهي النعمة ،
قال الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)}الأنبياء ، أي نعمة عليهم .
و قد يتسمى : بالرحيم ، غيره تعالى , و لا يتسمى بالرحمن سواه .
لأن الرحمن : هو الذي يقدر على كشف البلوى .
و الرحيم : من خلقه ، قد لا يقدر على كشفها .
و يقال : للقرآن : رحمة . و الغيث : رحمة .
و يقال لرقيق : القلب من الخلق رحيم، لكثرة وجود الرحمة منه، بسبب رقة القلب .
و أقلها : الدعاء للمرحوم ، و التوجع له ، و ليست في حقه تعالى بمعنى الرقة .
بل معناه : إيجاد النعمة للمرحوم ، و كشف البلوى عنه ، فالحد الشامل .
أن تقول : هي التخلص من أقسام الآفات ، و إيصال الخيرات إلى أرباب الحاجات .
31
الذَّارِيُ: الخالق ، و الله ذرأ الخلق و برأهم .
أي خلقهم : و أكثرهم ، على ترك الهمزة .
32
الرَّازِقُ : المتكفل بالرزق ، و القائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها.
وسع : الخلق كلهم رزقه، ولم يخص بذلك مؤمنا دون كافر ، و لا برأ دون فاجر.
33
الرَّقِيبُ : الحافظ ، الذي لا يغيب عنه شيء .
و منه قوله تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) }ق.
34
الرَّءُوفُ : هو العاطف برأفته على عباده .
و قيل : الرأفة ، أبلغ من الرحمة .
و يقال : الرأفة ، أخص من الرحمة ، و الرحمة أعم .
35
الرَّائِي : معناه العالم ، و الرؤية العلم .
و منه قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) }الفجر، أراد : أ لم تعلم.
و قد يكون : الرائي ، بمعنى المبصر ، و الرؤية الإبصار .
36
السَّلامُ : معناه ذو السلام ، و السلام في صفته تعالى .
هو الذي : سلم من كل عيب ، و برأ من كل آفة و نقص .
و قيل معناه : المسلم ، لأن السلامة تنال من قبله .
و السلام و السلامة : مثل الرضاع و الرضاعة .
و قوله تعالى : { لَهُمْ دارُ السَّلامِ (127) }الأنعام .
يجوز : أن يكون مضافة إليه ، و يجوز ك أن يكون قد سمى الجنة سلاما ، لأن السائر إليها يسلم فيها من كل آفات الدنيا ، فهي دار السلام .
37
الْمُؤْمِنُ : أصل الإيمان في اللغة التصديق .
فالمؤمن : المصدق ، أي يصدق وعده .
و يصدق : ظنون عباده المؤمنين ، و لا يخيب آمالهم .
و قد يكون : بمعنى ، أنه آمنهم من الظلم و الجور .
وَ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام : سُمِّيَ : الْبَارِئُ عَزَّ وَ جَلَّ ، مُؤْمِناً ، لِأَنَّهُ يُؤْمِنُ عَذَابَهُ مَنْ أَطَاعَهُ .
وَ سُمِّيَ : الْعَبْدُ مُؤْمِناً ، لِأَنَّهُ يُؤْمِنُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، فَيُجِيزُ اللَّهُ أَمَانَهُ
[5].</SPAN>
38
الْمُهَيْمِنُ : هو الشهيد ، و منه قوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (48)} المائدة .
فالله المهيمن : أي الشاهد على خلقه ، بما يكون منهم ، من قول و فعل .
و إذ لا يغيب عنه : { مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء (61) } يونس .
و قيل الْمُهَيْمِنُ : الأمين .
و قيل: الرقيب على الشيء ، الحافظ له .
و قيل : إنه اسم من أسماء الله عز و جل في الكتب .
39
الْعَزِيزُ : هو المنيع ، الذي لا يغلب .
و هو أيضا : الذي لا يعادله شيء ، و أنه لا مثال له و لا نظير له .
و يقال : من عزيز ، أي من غلب سلب .
و قوله تعالى : حكاية عن الخصم { وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ (23) } ص ، أي غلبني .
في مجاوبة الكلام : و قد يقال للملك .
كما قال إخوة يوسف : { يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ (88) } يوسف، أي يا أيها الملك .
40
الْجَبَّارُ : هو الذي جبر مفاقر الخلق و كسرهم ، و كفاهم أسباب المعاش و الرزق .
و قيل الْجَبَّارُ : العالي فوق خلقه ، و القامع لكل جبار .
و قيل القاهر : الذي لا ينال ، يقال : للنخلة التي لا تنال ، جبارة .
و الجبر : أن تجبر إنسانا على ما تلزمه ، قهرا على أمر من الأمور .
وَ قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام : لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ ، وَ لَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ
[6].</SPAN>
عنى بذلك : أن الله لم يجبر عباده على المعاصي ، و لم يفوض إليهم أمر الدين .
حتى يقولوا : فيه ، بآرائهم و مقايسهم .
فالله عز و جل : قد حد ، و وصف ، و شرع ، و فرض ، و سن ، و أكمل لهم الدين ، فلا تفويض مع التحديد و التوصيف .
41
الْمُتَكَبِّرُ : هو المتعالي عن صفات الخلق .
و يقال : المتكبر على عتات خلقه ، إذ نازعوه العظمة .
و هو : مأخوذ من الكبرياء ، و هي اسم للتكبر و التعظم .
42
السَّيِّدُ : معناه الملك .
و يقال : لملك القوم و عظيمهم ، سيد ، و قد سادهم .
و قيل : للقيس بن عاصم ، بم سدت قومك .
قال : ببذل الندى ، و كف الأذى ، و نصر المولى .
وَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم :
عَلِيٌّ : سَيِّدُ الْعَرَبِ .
فَقَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَ لَسْتَ سَيِّدَ الْعَرَبِ ؟
فَقَالَ : أَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ ، وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ .
فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَ مَا السَّيِّدُ ؟
فَقَالَ : هُوَ مَنِ افْتُرِضَتْ طَاعَتُهُ ، كَمَا افْتُرِضَتْ طَاعَتِي
[7].</SPAN>
فعلى : هذا الحديث .
السَّيِّدُ : هو الملك الواجب الطاعة .
43
السُّبُّوحُ : هو المنزه عن كل ما لا ينبغي أن يوصف به .
و هو حرف : مبني على فعول ، و ليس في كلام العرب فعول بضم الفاء .
إلا سبوح : و قدوس ، و معناهما واحد .
44
الشَّهِيدُ : هو الذي لا يغيب عنه شيء .
يقال : شاهد و شهيد ، و عالم و عليم .
أي كأنه : الحاضر الشاهد ، الذي لا يعزب عنه شيء .
و يكون الشهيد : بمعنى العليم ، لقوله تعالى : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ (18) } آل عمران، قيل : معناه ، أي علم .
45
الصَّادِقُ : معناه الذي يصدق في وعده ، و لا يبخس ثواب من يفي بعهده .
46
الصَّانِعُ : الصانع المطلق ، هو الصانع لكل مصنوع .
أي خالق : لكل مخلوق ، و مبدع جميع البدائع .
و في هذ : دلالة على أنه ، لا يشبهه شيء .
لأنا : لم نجد فيما شاهدنا فعلا ، يشبه فاعلا ، البتة .
و كل موجود : سواه ، فهو فعله و صنعته .
و جميع ذلك : دليل على وحدانيته ، شاهد على انفراده .
و على أنه : بخلاف خلقه ، و أنه لا شريك له .
و قال بعض الحكماء : في هذا المعنى ، يصف النرجس ، شعر :
عيون في جفون في فنون بدت و أجاد صنعتها المليك
بأبصار التغنج طامحات كأن حداقها ذهب سبيك
على قصب الزمرد مخبرات بأن الله ليس له شريك
47
الطَّاهِرُ : معناه المتنزه عن الأشباه و الأنداد ، و الأمثال و الأضداد ، و الصاحبة و الأولاد ، و الحدوث و الزوال ، و السكون و الانتقال ، و الطول و العرض ، و الدقة و الغلظة ، و الحرارة و البرودة .
و بالجملة : هو طاهر عن معاني المخلوقات ، متعال عن صفات الممكنات ، مقدس عن نعوت المحدثات .
فتعالى : و تكرم ، و تقدس ، و تعظم ، أن يحيط به علم ، أو يتخيله وهم .
48
الْعَدْلُ : هو الذي لا يميل به الهوى ، فيجور في الحكم .
و العدل : من الناس ، المرضي قوله ، و فعله، و حكمه .
49
الْعَفُوُّ : هو المحاء للذنوب الموبقات ، و مبدلها بأضعافها من الحسنات .
و العفو : فعول من العفو ، و هو الصفح عن الذنب ، و ترك مجازاة المسيء .
و قيل : هو مأخوذ ، من عفت الريح الأثر ، إذا درسته و محته .
50
الْغَفُورُ : هو الذي يكثر المغفرة ، و يكون معناه منصرفا إلى مغفرة الذنوب في الآخرة ، و التجاوز عن العقوبة .
و اشتقاقه : من الغفر ، و هو الستر و التغطية ، و منه سمي المغفر ، لستره الرأس .
و المبالغة : في العفو ، أعظم من المبالغة في الغفور .
لأن ستر الشيء : قد يحصل مع بقاء أصله .
بخلاف المحو : فإنه إزالة له رأسا ، و قلع لأثره جملة .
51
الْغَنِيُّ : هو المستغني عن الخلق بذاته ، فلا تعرض له الحاجات ، و بكماله و قدرته عن الآلات و الأدوات .
و كل ما سواه : محتاج ، و لو في وجوده ، فهو الغني المطلق .
52
الْغِيَاثُ : معناه المغيث ، سمي بالمصدر توسعا لكثرة إغاثته الملهوفين ، و إجابته دعاء المضطرين .
53
الْفَاطِرُ : الذي فطر الخلق ، أي خلقهم ، و ابتدأ صنعة الأشياء و ابتدعها .
فهو فاطرها : أي خالقها و مبدعها .
54
الْفَرْدُ : معناه المتفرد بربوبيته و بالأمر ، دون خلقه .
و أيضا : فإنه موجود وحده ، و لا شريك موجود معه .
55
الْفَتَّاحُ : الحاكم بين عباده .
يقال : فتح الحاكم بين الخصمين ، إذا قضى بينهما ،
و منه قوله تعالى : { رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (89) } الأعراف ، أي احكم بيننا .
و معنى الفتاح أيضا : الذي يفتح الرزق و الرحمة ، لعباده .
56
الْفَالِقُ : الذي فلق الأرحام ، فانشقت عن الحيوان .
و فلق : الحب و النوى ، فانفلقت عن النبات ، و فلق الأرض فانفلقت عن كل ما يخرج منها ، و هو كقوله تعالى : { وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (12) } الطارق .
و فلق الظلام : عن الصباح و السماء ، عن القطر .
و فلق البحر لموسى : { فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) } الشعراء .
57
الْقَدِيمُ : هو المتقدم للأشياء ، بكل تقدم .
و ليس : لوجوده أول ،و لا يسبقه عدم .
58
الْمَلِكُ : التام الملك ، الجامع لأصناف المملوكات .
و الملكوت : ملك الله عز و جل ، زيدت فيه التاء ، كما زيدت في رهبوت و رحموت ، يقول العرب : و رهبوت خير من رحموت ، أي لأن ترهب خير من أن ترحم .
59
الْقُدُّوسُ : فعول من القدس ، و هو الطهارة .
و الْقُدُّوسُ : الطاهر من العيوب ، المنزه عن الأنداد و الأولاد .
و التقديس : التطهير و التنزيه .
و قوله تعالى حكاية عن الملائكة : { وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ (30) } البقرة ، أي ننسبك إلى الطهارة ، و نسبحك ، و نسبح لك ، بمعنى واحد .
و حظيرة القدس : موضع الطهارة من الأدناس ، التي تكون في الدنيا ، و الأوصاب و الأوجاع، وقد قيل: إن
القدوس : اسم من أسماء الله عز وجل في الكتب.
60
الْقَوِيُّ : قد يكون بمعنى القادر .
و من قوي : على الشيء ، فقد قدر عليه ، و يكون معناه التام للقوى ، الذي لا يستولي عليه العجز ، و هي القوي بلا معاناة و لا استعانة .
61
الْقَرِيبُ : المجيب ، كقوله تعالى : { أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ (186)} البقرة .
وقد يكون : بمعنى العالم بوساوس القلوب، لا حجاب بينه وبينها ، ولا مسافة .
كقوله تعالى : { وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} ق.
فهو قريب : بغير مماسة ، بائن من خلقه بغير طريق و لا مسافة .
بل هو على : المفارقة في المخالطة ، و المخالفة لهم في المشابهة .
و
كذلك التقرب إليه : ليس من جهة الطريق و المسافة ، بل إنما هو من جهة الطاعة و حسن الاعتقاد .
فالله تبارك و تعالى : قريب دان ، دنوه من غير تنقل ، لأنه ليس باقتطاع المسافة يدنو ، و لا باجتياز الهواء يعلو ، كيف و قد كان قبل السفل و العلو ، و قبل أن يوصف بالعلو و الدنو .
62
الْقَيُّومُ : هو القائم الدائم بلا زوال .
و يقال : هو القيم على كل شيء بالرعاية ، و مثله القيام .
و هما : من فعول و فيعال ، من قمت بالشيء ، إذا توليته بنفسك ، و توليت حفظه و إصلاحه و تدبيره ، و قالوا : ما فيها من ديور و لا ديار .
63
الْقَابِضُ : معناه الذي يقبض الأرزاق عن الفقراء بحكمته و لطفه ، وابتلاهم بالصبر ، و ذخر لنفيس الأجر .
و قيل القابض : الذي يقبض الأرواح بالموت .
و قيل : اشتقاقه من القبض ، و هو الملك ، كما يقال : فلان في قبض فلان ، أي في ملكه ، و هذا الشيء في قبضي .
و منه قوله تعالى : { وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ (67) } الزمر .
و هذا كقوله تعالى : { وَ لَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ (73)}الأنعام . { وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ((19) } الإنفطار .
64
الْبَاسِطُ : هو الذي يبسط الأرزاق .
حتى لا يبقى : فاقة ، برحمته و جوده ن و كرمه و فضله.
65
قَاضِي الْحَاجَاتِ : القاضي هو الحاكم على عباده ، بالانقياد في أوامره و نواهيه ، و زواجره و مراضيه .
و اشتقاقه : من القضاء ، و هو من الله على ثلاثة أوجه :
الأول : الحكم و الإلزام. كقوله تعالى : { وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (23) } الإسراء .
و يقال : قضى القاضي عليه بكذا ، أي حكم عليه بكذا ، و ألزمه إياه .
الثاني : الخبر و الإعلام .كقوله عز و جل : { وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ (4) } الإسراء .
أي أخبرناهم : بذلك ، على لسان نبيهم .
الثالث : الإتمام . كقوله تعالى : { فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ (12) }فصلت .
و يقال : قضى فلان حاجته ، يريد أتم حاجته على ما سأله .
66
الْمَجِيدُ : هو الواسع الكريم .
يقال : رجل ماجد ، إذا كان سخيا واسع العطاء .
و قيل معناه : الكريم العزيز .
و منه قوله تعالى : { قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) } البروج ، أي كريم عزيز .
و المجد : في اللغة ، نيل الشرف .
و قد يكون : بمعنى ممجد ، أي مجده خلقه ، و عظموه .
67
الْمَوْلَى : معناه الناصر للمؤمنين ، ( بإعطائهم ) ثوابهم و بإكرامهم .
قال الله : { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (255) } البقرة.
و قد يكون :
بمعنى الأولى .
وَ مِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله وسلم : أَ لَسْتُ : أَوْلَى مِنْكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ ؟
قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ : مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ [8].</SPAN>
أي من كنت : أولى منه بنفسه .
فعلي عليه السلام : أولى منه بنفسه .
و قد يكون : بمعنى الولي ، و هو المتولي للأمر ، و القائم به .
و ولي الطفل : الذي يتولى إصلاح شأنه ، و يقوم بأمره .
{ وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } : لأنه المتولي لإصلاح شئونهم باليقين ، و القائم بمهماتهم في أمور الدنيا و الدين .
68
الْمَنَّانُ : معناه هو المعطي المنعم .
و منه قوله تعالى : { فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (212)} البقرة .
69
الْمُحِيطُ : هو المستولي المتمكن من الأشياء ، الواسع لها علما و قدرة .
فهو محيط : أي مستول على جميع الأشياء علما .
فـ : { لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (3) } سبأ .
{ قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي- وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (109) } الكهف .
{ وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ (27) } لقمان .
و قدرة : فلا يخرج عن قدرته مقدور .
و إن جل : فاستوى عنده النملة و النحلة ، و الطفل الفطيم و العرش العظيم ، و اللطيف و الجسيم و الجليل و الحقير .
{ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)} آل عمران .
{ ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ (28) } لقمان .
{ و إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)}يس.
70
الْمُبِينُ : الظاهر البين بآثار قدرته و آياته .
المظهر : حكمته بما أبان من تدبيره ، و أوضح من بيانه .
71
الْمُقِيتُ : هو المقتدر .
و أنشد للزبير بن عبد المطلب شعرا :
و ذي ضغن كففت النفس عنه و كنت على مساءته مقيتا
هذه : لغة قريش .
و قيل : الحفيظ : الذي يعطي الشيء على قدر الحاجة من الحفظ .
و قيل : المقيت : الذي يعطي القوت .
و قيل : معناه ، الحافظ الرقيب .
72
الْمُصَوِّرُ : هو الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة ، ليتعارفوا بها .
قال سبحانه { وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ (64) } غافر .
73
الْكَرِيمُ : الجواد المفضل .
يقال : رجل كريم ، أي جواد .
و قيل : العزيز ن كما يقال ك فلان أكرم علي من فلان ن أي أعز منه .
و منه قوله تعالى : { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) } الواقعة ، أي عزيز.
74
الْكَبِيرُ : السيد ، يقال : لكبير القوم ، سيدهم .
و الكبير : اسم للتكبر و التعظم .
75
الْكَافِي : لمن توكل عليه ، فيكفيه ما يحتاج إليه ، و لا يلجئه إلى غيره .
قال الله تبارك و تعالى : { وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (3)} الطلاق .
أي : كافيه .
76
كَاشِفُ الضُّرِّ : معناه المفرج .
{ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ (62) } النمل.
77
الْوَتْرُ : الفرد و كل شيء ، كان فردا ، قيل له : وتر .
78
النُّورُ : هو الذي بنوره ، يبصر ذو العماية ، و بهدايته يرشد ذو الغواية .
و النور : الضياء ، سمي بالمصدر .
و معناه : المنير توسعا .
أو لأن : به اهتدى أهل السماوات و الأرضين إلى مصالحهم و مراشدهم ، كما يهتدى بالنور ، أو لأنه : منور النور و خالقه ، فأطلق عليه اسمه .
79
الْوَهَّابُ : الكثير الهبة ، و المفضال في العطية .
80
النَّاصِرُ : و النصير ، بمعنى واحد ، و النصرة المعونة .
81
الْوَاسِعُ : هو الذي وسع غناه مفاقر عباده ، و وسع رزقه جميع خلقه .
و قيل : الواسع ، الغني ، و السعة الغناء، وفلان يعطي من سعته، أي من غنائه.
و الوسع : جد الرجل و مقدرته ، يقول : أنفق على قدر وسعك .
82
الْوَدُودُ : مأخوذ من الود ، أي يود عباده الصالحين ، أي يرضى عنهم ، و يقبل أعمالهم ، و قد يكون بمعنى : أن يوددهم إلى خلقه .
كقوله تعالى : { سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (96) } مريم .
فقد يكون : فعول هنا ، بمعنى مفعول ، كما يقال : مهيب بمعنى مهيوب .
يريد : أنه مودود ، أي محبوب .
83
الْهَادِي : معناه الذي من بهدايته على جميع خلقه ، و أكرمهم بنور توحيده .
إذ فطرهم : عليه ، و دلهم على قصد مراده ، و أقدرهم عليه بالعقول و الإلهام ، و الدلائل و الأعلام ، و الرسل المؤيدة بالحجج المؤكدة .
{ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (42)} الأنفال .
و أما بيان : هدايته لسائر العباد ، فما حكاه سبحانه :
{ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى (17)} فصلت .
و أما إكرامه : لهم بنور توحيده ن فطرهم عليه أولا .
{ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها (30)} الروم .
وَ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم :
كُلُّ مَوْلُودٍ : يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَ إِنَّمَا أَبَوَاهُ ، يُهَوِّدَانِهِ وَ يُنَصِّرَانِهِ وَ يُمَجِّسَانِهِ
[9].</SPAN>
و إنفاذ الرسل : و إقامة منار الدين و الهدى .
ثانيا : و الحث و الترغيب و الترهيب .
ثالثا : و الإمداد و الإلطاف ، و الإسعاد و الإسعاف بالتوفيق .
رابعا : و هو الذي هدى سائر الحيوانات إلى مصالحها ، و ألهمها كيف تطلب الرزق ، و تجتلب المسار ، و كيف يحترز عن الآفات و المضار .
84
الْوَفِيُّ : معناه أنه يفي بعهده ، و يوفي بوعده .
85
الْوَكِيلُ : المتولي لنا ، أي القائم بحفظنا ، و هذا معنى الوكيل على المال .
و قد يكون : بمعنى المعتمد و الملجأ .
و التوكل : و الاعتماد و الالتجاء .
و قيل : المتكفل بأرزاق العباد ، و القائم عليهم بمصالحهم .
و يقول : { حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ (173) } آل عمران .
أي : نعم الكفيل بأمورنا ، القائم بها .
86
الْوَارِثُ : هو الذي ترجع إليه الأملاك ، بعد فناء الملاك .
و الله : الباقي بعد فناء الخلق ، و المسترد أملاكهم و مواريثهم بعد موتهم .
87
الْبَرُّ : هو العطوف على عباده ، المحسن عليهم ، عم ببره جميع خلقه .
و قد يكون : بمعنى الصادق ، كما يقال : برت يمين فلان ، إذا صدقت ، و صدقت فلان و بر .
88
الْبَاعِثُ : هو الذي يبعث الخلق بعد الممات .
و يعيدهم : بعد الوفاة ، و يحييهم للجزاء و البقاء .
89
التَّوَّابُ : الذي يقبل التوبة ، و يعفو عن الحوبة ، إذا تاب العبد منها .
و كلما : تكررت التوبة ، تكرر منه القبول .
90
الْجَلِيلُ : هو من الجلال و العظمة .
و معناه : منصرف إلى جلال القدرة ، و عظيم الشأن .
و هو : الجليل ، الذي يصغر دونه ، كل جليل .
91
الْجَوَادُ : هو المنعم المحسن ، الكثير و الإنعام و الإحسان .
و الفرق : بينه و بين الكريم .
أن الكريم : الذي يعطي مع السؤال .
و الجواد : الذي يعطي من غير السؤال .
و قيل : بالعكس ، الجود السخاء ، و رجل جواد أي سخي .
و لا يقال : الله تعالى السخي ، لأن أصل السخاوة راجع إلى اللين .
يقال : أرض سخاوية ، و قرطاس سخاوي ، إذا كان لينا .
و سمي : السخي سخيا ن للينه عند الحوائج .
92
الْخَبِيرُ : العالم بدقائق الأشياء و غوامضها .
يقال : فلان عالم خبير ، أي عالم بكنه الشيء ، و مطلع على حقيقته .
و الخبر : العلم ، تقول : لي به خبر ، أي علم .
93
الْخالِقُ : المبدأ للخلق ، و المخترع لهم ، على غير مثال سبق .
قال الله سبحانه : { هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (3)} فاطر .
و قد يراد : بالخلق ، التقدير .
كقوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام : { أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ (49) } آل عمران، أراد أقدر لكم .
و الله : خالقه في الحقيقة و مكونه .
94
خَيْرُ النَّاصِرِينَ : معناه ، كثرة تكرار النصر منه .
كما قيل : خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ، لكثرة رحمته .
95
الدَّيَّانُ : هو الذي يدين العباد ، و يجزيهم بأعمالهم .
و الدين : الجزاء .
يقال : كما تدين تدان ، أي كما تجزي تجزى ، شعر :
كما يدين الفتى يوما يدان به من يزرع الثوم لا يقلعه ريحانا
96
الشَّكُورُ : هو الذي يشكر اليسير من الطاعة .
فيثيب : عليه الكثير من الثواب ، و يعطي الجليل الجزيل من النعمة ، و يرضى باليسير من الشكر .
قال الله تعالى : { إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } .
و لما كان : الشكر في اللغة ، هو الاعتراف بالإحسان .
و الله سبحانه : هو المحسن إلى عباده ، و المنعم عليهم .
لكنه سبحانه : لما كان مجازيا للمطيع على طاعته ، بجزيل ثوابه ، جعل مجازاته شكرا لهم ، على سبيل المجاز ، كما سميت