www.atyab-nass.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الاحباب والاصدقاء اطيب ناس
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  10-التفسير والتأويل*** الجزء العاشر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
jawharat_lislam
مدير
مدير
jawharat_lislam


عدد المساهمات : 1297
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 04/03/2013

 10-التفسير والتأويل*** الجزء العاشر  Empty
مُساهمةموضوع: 10-التفسير والتأويل*** الجزء العاشر     10-التفسير والتأويل*** الجزء العاشر  Emptyالخميس مارس 07, 2013 6:36 am



المنظومة التكاملية لعلوم القرآن
الكريم

الجزء العاشر
التفسير والتأويل


التفسير في اللغة: التبيين والكشف
والتوضيح.

والتفسير في الاصطلاح: علم يبحث فيه عن
أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة
البشرية.


الفرق بين التفسير
والتأويل


التفسير والتأويل
مترادفان، في أشهر المعاني اللغوية. وفي الاصطلاح: التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلا
وجهاً واحداً، والتأويل: توجيه لفظ متوجه إلى معان مختلفة، إلى واحد منها بما ظهر
من الأدلة .


فضل التفسير
وشرفه:


قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: { يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيراً }
البقرة ـ من الآية 269 ، قال: الحكمة: المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخة، ومحكمه
ومتشابهة، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله. وقال الأصبهاني: أشرف صناعة
يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن.

وصناعة التفسير قد
حازت الشرف من جهات ثلاثة، من جهة الموضوع فلأن موضوعه كلام الله تعالى، الذي
هوينبوع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة، ومن جهة غرضه فلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة
الوثقى، والوصول إلى السعادة الحقيقية، التي لا تفنى، ومن جهة شدة الحاجة إليه،
فلأن كل كمال ديني أو دنيوي، عاجلي أو آجلي، مفتقر إلى العلوم الشرعية، والمعارف
الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله.

ولسنا نجاوز الحقيقة
إذا قلنا: إن مهمة الرسالة المحمدية، كانت في الدرجة الأولى تفسير القرآن وبيانه
للأمة مصداقاً لقوله تعالى:

{ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون
}سورة النحل: آية 44.

التفسير هو ماكان راجعاً إلى الرواية, والتأويل ما كان راجعاً إلى
الدراية,

هذا ماقاله بعض علماء الأمة, فما معنى هذا الكلام ؟. لغرض فهم أكثر
شمولية علينا معرفة ماهية

التفسير ,مدارسه, تاريخه, تطوره, وفرقه عن
التأويل.

التفسير في اللغة هو التفصيل من
الفسر,
وكلاهما بمعنى الإبانة وكشف المغطى, وهذا المعنى اللغوي يستعمل في
الكشف عن المحسات والمعقولات, فتفسير كلام الله تعالى هو بيانه بشرح آياته وجلاء
العبارات الموجودة فيه..

وأما التفسير كعلم من العلوم
الإسلامية
فهو علم نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة
فيها, وكيفية النطق بألفاظها , وبيان مدلولاتها وأحكامها, وشرح معانيها الي تحمل
عليها حالة التركيب, ثم أن علم تفسير القرآن الكريم يعنى بترتيب الآيات: مكيها
ومدنيها, محكمها ومتشابهها, ناسخها ومنسوخها, خاصها وعامها, مطلقها ومقيدها, مجملها
ومفصلها, حلالها وحرامها, وعدها ووعيدها, وغير ذلك من التفاصيل. وقد عرف العلماء
التفسير بأنه: علم يُبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد من حيث دلالته على مراد الله
وبقدر الطاقة البشرية. يقول محمد شمس (التفسير هو الكشف والبيان, وهو ما لا نجزم به
إلا إذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن الصحابة الذين شهدوا نزول الوحي
وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع).

أما التأويل فهو مأخوذ من الإيالة وهي السياسة, فكأن
المؤول يسوس الكلام ويضعه في موضعه. والتأويل ملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ,
وهو يعتمد على الإجتهاد ويعرف بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها في لغة العرب
واستعمالاتها بحسب السياق, ومعرفة الأساليب العربية واستنباط المعاني من كل
ذلك..يقول الأستاذ كارم السيد غنيم في هذا:

إن التأويل نوعان :

أ‌- نوع يعتمد على السماع ويفهم
طبقاً لقواعد اللغة العربية .

ب‌- ونوع يعتمد على المشاهدة وبه تتجلي التفاصيل
والكيفيات من خلال استقراء الواقع في الآفاق وما تحمله مسيرة الزمن من وقائع وأحداث
من خلال ما يفتح الله به على أهل كل عصر من الكشوف والمنجزات العلمية فإذا استقر
النبأ أرى الله عباده تفاصيل ودقائق ما حمله النص من دلالات فتكتمل الحقيقة ويتجلي
الإعجاز ، قال تعالى : { لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون }[
الأنعام ـ 67 ] .

والتأويل عملية معقدة جداً كما يصفها
الدكتور أحمد الحجاجي , فالمؤول يجد في النص شيئاً لا يجده في ظاهره , لذا فقد
اختلفت مواقف علماء المسلمين من التأويل وتعددت الآراء فيه، وقيل فيه الكثير:

فقيل هو نفسه التفسير , وقيل التفسير أعم من
التأويل , وقيل العكس , وقيل التفسير هو بيان وضع اللفظ والتأويل باطن اللفظ
فالتفسير إخبار عن دليل المراد والتأؤيل بيان حقيقة المراد , وقيل التفسير هو
المعنى الظاهر للآية والتأويل هو ترجيح بعض المعاني المحتملة للآية.

يقول السيوطي في إتقانه: التفسير هو
كشف معاني القرآن والتأويل هو ما استنبطه العلماء العارفون من المعاني الخفية
والأسرار الربانية اللطيفة التي تحملها الآية الكريمة.

ويقول الماتريدي والقشيري وغيرهما:
التفسير في المعنى لا يحتمل غيره فهو قطع وشهادة على أن الله تعالى عنى باللفظ هذا
, والتأويل ترجيح أحد الاحتمالات بالدليل بلا
قطع ولا شهادة. فالتفسير مقصور على السماع, فما
بين في الكتاب والسنة يسمى تفسيراً, وليس لأحد أن يتعرض له باجتهاد ولا غيره , لأنه
من باب الدراية , والتأويل ما استنبطه العلماء العالمون بمعاني الخطاب, فهو من باب
الدراية.

**ولقد أجمع علماء التفسير على أن الأصل في
تفسير القرآن أن يقوم على ظاهر معنى ألفاظه , دون تأويل إذا لم يمنع منه مانع من
العقل والشرع , وأما إذا منع من ظاهر المعنى مانع فهناك
مذهبان:

1. مذهب السلف الصالح من علماء الصحابة
والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين, الذي يقول بالأخذ بظاهر المعنى والتصديق
به مع تفويض معرفة حقيقته إلى الله تعالى بما يتفق مع كمال ذاته وصفاته عملاً
بالآية السابعة من آل عمران. ومن علماء السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل الإمام مالك
بن أنس وسفيان الثوري ومقاتل بن سليمان وأحمد بن حنبل وداود بن علي
الأصفهاني.

2. مذهب الخلف من العلماء الذين تبعوهم, وقد
رأوا باجتهادهم أهمية التأويل عند الضرورة منعاً من الوقوع بالتشبيه وقطعاً لدابر
كل شبهة قد تعلق بالقلوب بشأن صفات الله تعالى , خصوصاً بعد أن اعتنق الإسلام خلق
كثير من أمم من غير العرب كانت لها تقاليد وفلسفات وأفكار متأصلة في تركيبها
وبنيتها الاجتماعية , وهذا ما قاله الطبري والغزالي والزمخشري والرازي والسيوطي
وغيرهم من علماء الخلف.

على أن هذا الأمر من
الخطورة بمكان إذا ترك دون تقنين , فعلى الرغم أن علماء المسلمين قد أجازوا التأويل
في التفسير إذا لم يكن هناك مانع شرعي من ذلك، فإن التوسع فيه قد فتح باب الشطط في
التخيل والتصور وأوقع بعض المؤولين في مزالق خطيرة , فادعوا أن للقرآن ظاهراً
وباطناً , وأن الباطن له عدة بواطن لا يعرفها حق المعرفة إلا أشخاص معينون يوحى
إليهم , وأنهم يسمعون الكلام الموحى به, ولكنهم لا يرون من يكلمهم.. فكان التفسير
الباطني للآيات القرآنية مليئاً بالكفر والزيغ والأباطيل والافتراءات والشرك
والإلحاد كما أوضح ذلك العلامة البقليني , وتكونت فرق الباطنية الذين ادعوا أن
النصوص ليست على ظواهرها وأن لها معاني باطنية لا يعرفها إلا المعلم , وقصدهم بذلك
نفي الشريعة بالكلية.

يقول الأستاذ أحمد حسن الباقوري حول موضوع التفسير العلمي لآيات الله
تعالى ما معناه:

إننا يجب أن نأخذ
الموضوع مأخذ الأمة الوسط لا تفريط ولا إفراط، فلا نجزم بأنها التفسير الذي قصده
الله تعالى للآية، ولا نذهب مذهب قدامى المتورعة في تفسير القرآن وتأويله، فنقول
كما كانوا يقولون ((آمنا بكتاب الله على مراد الله)).. ولسنا نرتاب –جنبك الله
الشبهة- في أن كلا الأمرين غير خليق بالاعتناق لمن أراد إنصاف القرآن الكريم من
نفسه. فأما الأمر الأول القائم على الجزم بمثل ما ذكره أهل التفسير العلمي للآيات،
فهو مع أنه اجتهاد مثوب لا يستطيع أحد أن يزعمه وسيلة إلى صولة الجزم وبرد اليقين ،
فإن السبيل إلى هذا اليقين لا يكون إلا بإخبار الله على لسان المعصوم صلى الله عليه
وسلم، أو ربما يكون الخروج عليه والإعراض عنه خروجاً على ما تقتضي به الضرورة وتسوق
إليه المشاهدة ، ورأي هذا أو ذاك في مثل هذه الأمور الغيبية ، ومما لم يرد به عن
المعصوم خبر ولم تقض به ضرورة حس أو عيان.. ومن هنا نرى أن أسلافنا إذا لاح لهم حول
آيات القرآن معنى لم يرد به عن المعصوم خبر ولا قضت به ضرورة حسن أو عيان ، نراهم
–على ميلهم إليه وارتباطهم له- لم يكونوا يضعونه موضع التفسير أو التأويل للآية ،
وإنما كانوا يجعلونه بمعزل عن تفسيرها وتأويلها ، حتى يجمعوا بين الفضيلتين: فضيلة
عدم التأثم من القول في القرآن بغير علم ، وفضيلة التنبيه إلى أن في الآية معنى
خليقاً بالرعاية والاعتبار.

وساق الأستاذ أحمد حسن الباقوري أمثلة على قوله هذا من تفاسير
عديدة ومنها صاحب محاسن التأويل ومنها قوله تعالى:

{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ
فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ

(الشورى:29), فيقول نقلاً عنه رحمه الله، فلا يبعد أن يتخابرا ويجتمعا فكراً، إذا
لم يجتمعا جسماً، فلينظر الفلكيون إلى ما حوته هذه الآية المكنوزة في القرآن الكريم
، وليعلم المعجبون منا بالعلوم العصرية الضاربون صفحاً عن العلوم الإسلامية ، ما في
كتاب الله من الحكمة والبيان.. ونص رحمه الله بقوله : لا يخفى أن القرآن العظيم نزل
لبيان الحق وتعليم الدين أولاً وبالذات. لكن –تمهيداً لهذه السبيل- أتى بشذرات من
العلوم الفلكية والطبيعية، وصرف بصائر الناس إلى التفكر في خلق السموات والأرض ،
وما هن عليه من الإبداع فوجه أبصارهم إلى التأمل في خلق الإنسان وما هو عليه من
التركيب العجيب ، وإلى غير ذلك من الأمور الفلكية والطبيعية في أكثر من ثلاثمائة
آية ، فالمفسرون –رحمهم الله- فسروا هذه الآيات وشرحوا معانيها على مقدار محيط
علمهم بالعلوم الفلكية والطبيعية. ولا يخفى ما كانت عليه هذه الآلات في زمنهم من
النقصان ، فهم معذورون إذا لم يفهموا معاني هذه الآيات التي تحير عقول فلاسفة هذا
العصر المتضلعين بالعلوم العقلية. لذلك لم يفسروا هذه الآيات حق تفسيرها. بل أولوها
وصرفوا معانيها عن الحقيقة إلى الكناية ، أو إلى المجاز.. ذلك ما ذكره العلامة جمال
الدين القاسمي سنة 1914م وهو أحد طلاب الإمام محمد
عبدة.

وأما الأمر الثاني الذي يطبق فيه الآخذون به في شعارهم القائل ((آمنا
بكتاب الله على مراد الله)) ، فلا ندخل في تعليل الأسباب ونلهث وراء الفلسفة
والعلوم والاجتهاد فإنه غلو شديد في الاحتياط ينتهي بسالكي سبيله إلى التعطيل
وتجريد القرآن عن معانيه الداعية إلى الإنتفاع منه.. ولو أن المسلمين حرموا نعمة
الاجتهاد، ومنعوا أن يعملوا آراءهم في كتاب الله –متقيدين بلغته ومقاصده- لحرموا
خيراً كثيراً. وقد ثبت في أصول الفقه –على ما يروي ذلك العلامة الفخر الرازي في
كتابه مفاتيح الغيب- أن المتقدمين إذا ذكروا وجهاً في تفسير الآية فإن ذلك لا يمنع
المتأخرين من استخراج وجه آخر في تفسيرها، ولولا جواز ذلك لصارت الدقائق التي
استنبطها المتأخرون في تفسير كلام الله تعالى مردودة باطلة، ومعلوم أن هذا القول لا
يقول به إلا مقلد لا وزن له.. وربما قال قائل: أوليس الله تعالى قال في كتابه
العزيز: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ
آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ
الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ
} (آل عمران ـ 7), وعلينا أن
نؤمن بالمتشابه على مراد الله وإن لم نفهمه، فنفوض الأمر فيه إلى الله؟، فيكون مثل
المفوضين في المتشابه كمثل الذين يقولون: آمنا بكتاب الله تعالى على مراده. نقول:
صحيح أن أهل السنة والجماعة –وهم أهل العلم الصحيح- يقفون على قوله تعالى: { إلا الله } ثم يبتدئ بقوله: { والراسخون في
العلم يقولون آمنا به
} ، أي إن الله تعالى هو العالم بتأويله ومعناه، إلا
أن ذلك لا يمنع من اجتهاد المجتهد بناء على أسس علمية رصينة، لكن لا يأخذ هذا من
باب الإلزام فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر
الاجتهاد،

** وفي جميع الأحوال يكون اليقين والإيمان
ملازمين للعالم والمجتهد بما جاء في كتاب الله على مراد الله . وهؤلاء الراسخون في
العلم يأتم بهم ويذهب مذهبهم اتباعهم والآخذون عنهم ، وعلى ذلك لا يكون إيمان
المسلمين بالقرآن قائماً على التعطيل ولكنه يكون قائماً على الفهم ، وحسن التأويل ،
وكل تأويل يزيد المسلم اطمئناناً إلى فهم الآية من كتاب الله واجب عليه أن يأخذ به
، وأن يجري على سنته، ما دام متعبداً بحدود اللغة التي نزل بها ، وملتزماً حدود
الشريعة التي أوضح معالمها ورفع أعلامها.

**إن الإسلام دين الوسط فلا يمنع التدبر والتفكر ولا يلزم
الناس بما لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعطي الأمور حقها من الربط
والتأمل –وليس التفسير- وللناس في ذلك مذاهب فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه فالعبرة
في تذكير الناس بكتاب ربهم وسبقه للعلوم وليس بالدخول في جدال سفسطي يقسي القلوب
وينخر المحبة في الله والاعتصام بحبله المتين.

**وهنا أود أن أشير إلى حقيقة مهمة وهي: إن النظر إلى الصور
المختلفة لكتاب الله المنظور أي الكون تعطي انطباعات مختلفة للناظر فمنهم من يعجب
به جميعاً, ومنهم من يركز النظر إلى النجوم, ومنهم من يعجب بالبحر , أو الغروب , أو
الطيور المهاجرة , أو بما تحت البحار وأعماق الأرض وهكذا. وكذلك الحال للقرآن
والكون المسطور (أو الكتاب المسطور) تنظر إليه وتقرأه فتجد فيه من المناظر والكنوز
والإعجازات ما لا تنتهي عجائبه حتى قيام الساعة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه
وسلم ، فمهما حاولت وصفه والولوج إلى أسراره فلا تستطيع أن تعطيها حقها ، وهذا
الكنز العظيم مهما أخذت منه فلا ينقص منه شيء فهو منهل لنا كما هو أمانة في أعناقنا
نصونه ونخدمه جيلاً بعد جيل ونسعى للنهل من عيونه الرقراقة وكنوزه البراقة ما حيينا
كما فعل أسلافنا وسيفعل أحفادنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها
.

إذن للتفسير القرآني أنواع وأساليب مختلفة وهو يختلف عن
التأويل
الذي يعني فيما يعنيه التفسير التفصيلي والدخول في أعماق المسائل .
وقد وردت كلمة (التأويل) ثلاث مرات في سورة يوسف ومرتين في الكهف. والتأويل
والاستنباط أمران مباحان للفكر الإسلامي على مر العصور دون شرخ لأصول وأطر التفسير
العامة ليس في علوم القرآن التقليدية المعروفة كاللغة والبلاغة والبديع والبيان
والمعاني والنحو والصرف، وأسباب النزول, والناسخ والمنسوخ, وعلوم القراءات , وأصول
الدين , والفقه وأصوله , ومقاصد الشريعة , والحديث وعلومه فحسب , وإنما في كل
العلوم الدنيوية الأخرى- إذ أن التفسير لعموم اللفظ لا لخصوص السبب- مصداقاً لقوله
تعالى:

{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوْ
الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي
الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلَّا
قَلِيلاً
} (النساء ـ 83), وقوله تعالى:

{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ
يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ
فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ
الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا
يَفْتَرُون
َ}(الأعراف ـ 53).

إن
تأويل نصوص القرآن والسنة نوعان
كما يقول الشيخ الزنداني في كلمته إلى
المؤتمر الثاني للإعجاز الطبي في القرآن والسنة الذي انعقد بالقاهرة 1407هـ-1987م
وهما:

• نوع يعتمد على السماع ويفهم طبقاً لقواعد
اللغة العربية التي نزل بها القرآن, وما صح في بيانها من النصوص
والآثار.

• نوع يعتمد على الرؤيا والمشاهدة, وبه تتجلى
التفاصيل والكيفيات, وسبيله مشاهدة هذه الحقائق في الواقع في كل الآفاق وفي المعامل
والمختبرات, أو فيما تحمله لنا مسيرة الزمن من الوقائع والأحداث. فإذا تضمنت بعض
نصوص الكتاب والسنة دلالة على سنة من السنن الكونية أو حقيقة من الحقائق العلمية
فلا بد أن تحمل ألفاظ النصوص معنى هذه الدلائل بطريقة يتغير معها المعنى ولا يلتبس
بها المراد , وأن تتوارث أجيال الأمة ذلك المعنى الصحيح جيلاً بعد جيل طبقاً لقواعد
اللغة التي نزل بها القرآن الكريم وفهمها المخاطبون وقت نزوله, لأنه يستحيل أن يغلق
فهم معنى آية من كتاب الله تعالى على أهل جيل بأكمله , وهذا من مقتضى الحفظ الذي
ضمنه الله تعالى لكتابه.

يقول الأستاذ الدكتور
كارم غنيم: (وبعد فإذا اعتبرنا الكلام في تجلية جوانب الإعجاز العلمي للقرآن الكريم
ضرباً من ضروب التأويل, فإن التأويل غير الملتزم بالضوابط والأصول ما هو إلا رأي
شخصي مردود على صاحبه, وباب الاجتهاد مفتوح وليس مقصوراً على فريق دون آخر, ذلك فضل
الله يؤتيه من يشاء من عباده وإلى أن تقوم قيامة
الناس).

ولعلنا هنا نقف باحترام لكل العاملين في مجال توضيح هذه العلوم للأمة،
والمتصدين لهذه المسؤولية العظيمة كثر، ولكن هناك إنجازات مميزة تفرض نفسها على
الواقع الثقافي الإسلامي، ولعل من أبرز وجوهها العمل الطيب الذي قام به مجموعة من
المؤلفين وهو كتاب (معجم تفاسير القرآن الكريم)، والذي صدر الجزء الأول منه عام
1997، ثم رأت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة أن تعيد نشر الجزء الأول
مع الجزء الثاني في هذه الطبعة، وذلك بالتعاون مع دار التقريب بين المذاهب
الإسلامية في سلسلة الدراسات الإسلامية. وجاء الجزء الأول شاملاً لتسعة وثمانين
تفسيراً من تفاسير القرآن الكريم صدرت في مختلف العصور ، قام بإعداده رهطٌ من علماء
جامعة القرويين في فاس بالمملكة المغربية.. وقد لقي هذا المعجم قبولاً حسناً عند
صدوره الأول في مختلف الأوساط العلمية والمحافل الثقافية التي تعنى بإحصاء العلوم
الإسلامية بخاصة . وأما الجزء الثاني فقد جاء جامعاً لمائة تفسير مما لم يرد في
الجزء الأول . واتبع المصنف في هذا الجزء منهجاً شرحه في المقدمة التي كتبها بقوله:
"أن مفهوم التفسير، عندي ، يقوم على أن التفاسير إما كلية ، أو جزئية، والاهتمام
ينصب بالدرجة الأولى على التفاسير الكلية المستوعبة ، أما التفاسير الجزئية لبعض
أجزاء القرآن ، فهي من الكثرة والتنوع بحيث لا يمكن حصرها ، على أنه يعتبر منها ما
يختص بتفسير سورة أو عدة سور ، أما تفاسير بعض الآيات الخاصة ، فلا تعدُّ ولا تحصى
، ومن تصميم التفسير ومهمّه ، تفسير آيات الأحكام ، وقصص الأنبياء المأخوذة من
القرآن ، وكتب أسباب النزول، وكتب الناسخ والمنسوخ ، وكتب غريب القرآن ، وإعرابه ،
ونظائر القرآن ، وكتب القراءات ، لا التجويد ، بشرط أن تكون تعني بالتوجيه
والتعليل..".

من خلال هذا المفهوم، وفي إطار هذه الرؤية الشاملة ، وعملاً وفق هذا
المنهج ، قام المصنف ، في الجزء الثاني بالتعريف بمائة نص زائدة على ما في الجزء
الأول من قبل ، بين مخطوط ومطبوع مما وقف عليه ، ويشير في المقدمة إلى أنه "جمع
مائة أخرى وهي في متناول اليد". وتجدر الإشارة إلى أن المنظمة الإسلامية أنجزت
بعملها هذا معجماً لتفاسير القرآن الكريم لم يسبق أن عرفته المكتبة الإسلامية بهذه
الإحاطة والاستيعاب والشمول.

***لقد ظلّ الصحابة والتابعون بعد أن التحق الرسول - صلى الله
عليه وسلم - بالرفيق الأعلى ، يتدارسون القرآن الكريم مفسرين آياته ، مستنتجين منها
ما يعنُّ لهم من قضايا وأحداث، فقد كان لهم مصدراً للمعرفة، والعين الثرّة التي
تتدفق عطاء، على مستوى العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلمية جميعاً، فشغلتهم
دراسة القرآن الكريم عن كل شيء ؛ يتعبدون به في صلواتهم وتهجدهم، وينصاعون
لتوجيهاته في تشريعاتهم وأمور دينهم ودنياهم، ويحتكمون إليه في قضاياهم ومشكلاتهم
ولكي يفهموه حق فهمه اهتموا بشرح كلماته وبيان معانيه ، وتفسير أحكام ، فكان القرآن
الكريم محور كل العلوم وهدف كل الدراسات على مر العصور والأزمان... ومن حقائق
التاريخ أن التفاسير المبكرة وصلت كلها تقريباً في مسلسلات الرواة ، وأسانيد القراء
، وهي من خصوصيات الثقافة الإسلامية المروية بالأسانيد . وكان لا بد أن يهتم
الباحثون بالمراجع الأصلية للثقافة الإسلامية في علوم القرآن والحديث التي يعتمد
عليها عند دراسة مناهج المفسرين ومذاهبهم ، لذا قامت المنظمة الإسلامية للتربية
والعلوم والثقافة ، تيسيراً للرجوع إلى أمهات هذه المراجع ، بوضع معجم لتفاسير
القرآن الكريم ، يرصد جهود المفسرين ، ويبحث مذاهبهم في التفسير ، ويتقصى مصادر
دراساتهم ، ويقدم نماذج من أعمالهم مما يمكّن الباحث من معرفة جهد كل مفسر ومذهبه
لئلا يخطئ القصد والهدف ، وحتى لا يلتبس عليه سبيل الهدى ، فيضلّ عن الاستفادة
منه.


شروط
التفسير


لقد وضع علماء الإسلام شروطاً صارمة للتفسير لأهميته
وخطورته وفي هذا الموضوع تفاصيل كثيرة , فارتأينا أن نبين كمثال على ذلك ما وضعه
السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه (الإتقان) من
شروط توجب على القائم بالتفسير أن يستوفيها , وهي إتقانه لخمسة
عشر علماً وهي:

1. علم اللغة: لمعرفة شرح مفردات الألفاظ ومعلوماتها بحسب
الوضع.

2. علم النحو: لأن المعنى يختلف باختلاف
الإعراب.

3. علم الصرف: فعن طريقه تعرف
الأبنية.

4. علم
الاشتقاق.

5. علم المعاني: وبه يعرف خواص ترتيب
الكلام.

6. علم البيان: وبه يعرف خواص الكلام من حيث
موضع الدلالة.

7. علم البديع: وبه يعرف وجوه تحسين
الكلام.

8. علم القراءات: وبه يعرف كيفية نطق الآيات
ومخارج الحروف.

9. علم أصول
الدين.

10. علم الفقه وعلم أصول الفقه: وبه تعرف
الأحكام من دلالات النصوص باعتبار المعاني وضعاً واستعمالاً في الخاص والأمر والنهي
والمطلق والمقيد والعام والتخصيص والمشترك والحقيقة والمجاز, منطوقاً ومفهوماً,
وضوحاً وخفاءً في الدلالات القطعية والظنية
والغامضة.

11. علم أسباب النزول :وبه تفهم الآية بحسب
ما أنزلت فيه من أحداث.

12. علم الناسخ والمنسوخ: وبه يعرف المحكم
وغيره.

13. الأحاديث الصحيحة المبينة للمجمل
والمبهم.

14. الموهبة: وهو علم يورثه الله تعالى لمن
عمل بما علم.


مراحل علم
التفسير


لقد مر التفسير عبر العصور الإسلامية بعدة مراحل كما
قسمها الدكتور كارم غنيم :


المرحلة الأولى:
التفسير المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
.

• المرحلة الثانية: التفسير المأثور عن
الصحابة والتابعين, ويقسم إلى خمسة أقسام وهي تفسير القرآن بالقرآن , والتفسير
بالسنة النبوية الشريفة , وبأسباب النزول , والتفسير اللغوي والبلاغي , والتفسير
الإجتهادي, ومن أبرز من برع فيه سيدنا علي و سيدنا ابن عباس و سيدنا عبد الله ابن
مسعود والسيدة عائشة , ومن التابعين سعيد بن جبير ومجاهد وبن عيينة رضوان الله
تعالى عليهم أجمعين.


المرحلة الثالثة:
التفسير المعني باللغويات.


المرحلة الرابعة:
مرحلة التفسير بالرأي , وهو نوعان تفسير محمود وتفسير
مذموم.

• المرحلة الخامسة : مرحلة إبراز أوجه
الإعجازات القرآنية وعلى رأسها الإعجاز العلمي للآيات الكونية في
القرآن.

كما يمكن تقسيم أنواع التفسير إلى: التفسير بالمأثور , التفسير بالرأي,
التفسير الفقهي , التفسير الأدبي , التفسير اللغوي , التفسير الصوفي والإشاري ,
التفسير الموضوعي , التفسير البلاغي , التفسير الفلسفي , التفسير
العلمي..

وبعد فإن هناك ثلاثة أصول للتفسير هي : تفسير القرآن
بالقرآن , التفسير النبوي , والتفسير اللغوي . وفيما يلي تفصيلات مهمة في كل مرحلة
من تلك المراحل:


أولاً: تفسير النبي صلى الله عليه وسلم


ذهب ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير إلى أن رسول
الله – صلى الله عليه وسلم – بين لأصحابه كل معاني القرآن ، استناداً إلى الآية
السابقة ، إذ لو لم يبين كل معانيه ، كان مقصراً في البيان الذي كلف به
.

وجمهور العلماء يرى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – فسّر بعض الآيات
دون البعض ، فمن القرآن ما استأثر الله بعلمه ، ومنه ما يتبادر فهمه ، ولا يعذر أحد
بجهله ، فليس الرسول في حاجة إلى تفسيره . لكن السنة النبوية بينت كثيراً من المجمل
، كتحديدها لمواقيت الصلاة ، وعدد ركعاتها ، وكيفيتها ، وتحديدها لمقادير الزكاة
وأنواعها وأوقاتها ، وتبيينها مناسك الحج . إلى غير ذلك من الفروع. ووضحت كثيراً من
المشكل، كتفسيره – صلى الله عليه وسلم – الخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر.
وخصصت بعض العام، كتخصيصه – صلى الله عليه وسلم – الظلم بالشرك ، في قوله تعالى: {
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } سورة الأنعام: آية
82

وقيدت بعض المطلق، كتقييدها اليد باليمين، من قوله تعالى: { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا } سورة
المائدة: آية 38. وقد أفردت بعض كتب الحديث باباً للتفسير جمعت تحته كثيراً من
التفسير المأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم


ثانياً: تفسير الصحابة رضي الله عنهم


لا شك أن القرآن الكريم كان هدف الصحابة الأول، يحفظونه
ويفهمونه، ويتلقفون ما يصدر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بشأنه، ويهتدون
بهديه، وينشرون نوره.

ولا شك أنهم كانوا
أعلم الناس بالظروف والملابسات التي أحاطت بنزول القرآن، والتي تعين على فهم آياته
ووقائعه. ولا شك أنهم كانوا أعلم من غيرهم بأوضاع لغة العرب وأسرارها. .لكنهم –رضي
الله عنهم- لم يكونوا في درجة واحدة من قوة الفهم وسعة الإدراك والقدرة على التعبير
فاشتهر بالتفسير منهم عدد قليل –ذكرهم السيوطي في الإتقان- وهم الخلفاء الأربعة،
وابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله
بن الزبير.

وأكثر هؤلاء العشرة لم يرو عنهم في التفسير إلا الشيء القليل، إما لتقدم
وفاتهم، أو لانشغالهم بمهامهم.

والمكثرون في التفسير
أربعة:عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.

القيمة العلمية لتفسير الصحابة: المقصود بهذا البحث ما صح إسناده إلى
الصحابة من التفسير، أما الذي تضاربت فيه الروايات، وضعفت فيه الأسانيد، وطعن في
طريق وصوله، فلا خلاف في أنه لا يعتمد عليه ولا يؤخذ به. ثم ما صح عن الصحابة في
التفسير، إما أن يكون في أسباب النزول، وفي أمور لا مجال للرأي والاجتهاد فيها
كأمور الآخرة، وإما أن يكون للرأي فيه مجال.

فالأول له حكم الحديث
المرفوع، وعلى المفسر أن يأخذ به، ولا يحيد عنه.

وأما الثاني: أي ما
كان للرأي فيه مجال فهو من قبيل الوقوف على الصحابي، هذا لا يجب الأخذ به، لأن
الصحابي في هذه الحالة مجتهد، والمجتهد يخطئ ويصيب. لكن إذا أجمع الصحابة على شيء
فيجب الأخذ به.

نعم تطمئن نفس المفسر إلى ما روي عن الصحابة من هذا القبيل أكثر مما
يسند إلى غيرهم، لظن سماعهم له من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولأنهم أعلم
الناس بكتاب الله، فهم أهل اللسان، وهم الذين حصلت لهم بركة الصحبة وفضلها، وهم
الذين شاهدوا قرائن نزول الآيات وأحوالها. فإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في
السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة.


ثالثاً: تفسير التابعين رضي الله عنهم


تلقى التابعون دروس التفسير من أعلام الصحابة واعتمدوا
على أقوالهم في فهم القرآن الكريم، كما اعتمدوا على قدرتهم في الفهم والنظر
والاجتهاد. ومن هؤلاء التلاميذ الأجلاء: -

سعيد بن جبير، مجاهد
بن جبر، عكرمة البربري، طاووس بن كيسان، عطاء بن أبي
رباح.

القيمة العلمية لتفسير التابعين.: من المعلوم
أن عدالة التابعين غير منصوص عليها، كما نص على عدالة الصحابة، فتفسيرهم لا يجب
الأخذ به، وإن كان مأخوذاً عن الصحابة. أما إذا أجمعوا على أمر فلا يرتاب في كونه
حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك
إلى لغة القرآن أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في
ذلك.


رابعاً: تطور التفسير في عصور
التدوين


يمكن تقسيم المراحل التي مر بها التفسير في هذه الأزمنة
المتطاولة إلى أربع مراحل: -

المرحلة الأولى: مرحلة تدوين التفسير على أنه باب من الحديث،
وقد ابتدأت هذه المرحلة بابتداء التدوين لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
تدويناً مرتباً على أبواب.

المرحلة الثانية: مرحلة استقلال التفسير عن الحديث، ووضع تفسير
لآيات القرآن مرتباً على ترتيب المصحف، مع المحافظة على
الإسناد.

المرحلة الثالثة: مرحلة حذف الأسانيد، وكثرة
الدخيل والعليل، وقد ألفت كتب كثيرة في التفسير بالمأثور، لكنهم اختصروا الأسانيد،
بل نقلوا أقوال السلف من غير أن ينسبوها إلى قائليها، فكثر الوضع في التفسير،
وانتشرت الإسرائيليات انتشاراً أضاعت الثقة فيه.

المرحلة الرابعة: مرحلة التفسير بالرأي، وقد انتشر هذا النوع
من التفسير بانتشار العلوم والمعارف، واختلاف الآراء، وكثرة
المذاهب.

فقد دونت علوم اللغة، ودون النحو والصرف، واتسع نطاق المذاهب والآراء
الفقهية، والكلامية، وترجمت كتب كثيرة من كتب الفلاسفة، فتأثر التفسير بكل ذلك. بل
خضع التفسير لاستعداد المفسر، ونوع نبوغه العلمي، واتجاهه المذهبي حتى كاد كل تفسير
أن يقتصر على الفن الذي برع فيه مؤلفه.

فالنحوي مثلا- كالزجاج
والواحدي وأبي حيان – يبذل قصارى جهده في الإعراب ويستطرد إلى فروع النحو وخلافياته
حتى يطغى فنه على التفسير.

وصاحب العلوم العقلية
– كالفخر الرازي – جعل عنايته في تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة، وشبههم والرد
عليهم، والانسياق الكثير في الأمور الكونية، حتى قيل عن كتابه –مفاتيح الغيب – فيه
كل شيء إلا التفسير.

والفقيه – كالقرطبي –
يلتمس من الآية أدنى مناسبة ليدخل في الفروع وأدلتها، والرد على مخالفي مذهبه، حتى
يبعد عن التفسير.

وصاحب التاريخ والقصص- كالثعلبي والخازن – لا يصل إلى خبر أو قصة حتى
يدع الآية جانباً، ويدخل في الأخبار والحكايات.

وصاحب البدعة –
كالرماني والجبائي والزمخشري والطبرسي – كل همه التأويل والتكلف لتنزيل الآية على
مقتضى نحلته وهواه.

ومن العلماء من عني بموضوع خاص من التفسير، فخصه بالبحث
والتأليف.

فابن القيم أفرد كتاباً في أقسام القرآن، سماه التبيان في أقسام
القرآن.

وأبو عبيدة أفرد كتاباً في مجازا لقرآن، والراغب الأصفهاني ألف كتاباً
في مفردات القرآن، وأبو جعفر النحاس ألف كتاباً في الناسخ والمنسوخ من القرآن.
وكثير غير هؤلاء عنوا بناحية خاصة من نواحي القرآن الكثيرة النافعة فبرزوا وأسهبوا،
وأصبحت بحوثهم مراجع في موضوعاتهم.

أنواع التفسير
من خلال ما تقدم يتبين
لنا أن التفسير نوعان: هما التفسير بالمأثور والتفسير
بالرأي.


التفسير بالمأثور:


هو الذي يعتمد على صحيح المنقول بالمراتب الآتية: تفسير
القرآن بالقرآن، أو بالسنة لأنها جاءت مبينة لكتاب الله، أو بما روي عن الصحابة
لأنهم أعلم الناس بكتاب الله، أو بما قاله كبار التابعين، لأنهم تلقوا ذلك غالباً
عن الصحابة.

وحكمه: يجب إتباعه والأخذ به لأنه طريق
المعرفة الصحيحة شريطة التثبت من الآثار والروايات الواردة في بيان معنى الآية،
وعدم الاجتهاد في بيان معنى من غير أصل، والتوقف عما لا طائل تحته ولا فائدة في
معرفته ما لم يرد فيه نقل صحيح كالاسرائليات، وهي الأخبار والروايات الواردة عن أهل
الكتاب. ومن أشهر الكتب المؤلفة فيه جامع البيان في تفسير القرآن لمحمد بن جرير
الطبري.


التفسير بالرأي:


هو الذي يعتمد فيه المفسر في بيان معنى الآية على فهمه
الخاص واستنباطه بالرأي المجرد عن الهوى،

وحكمه: جواز الأخذ به شريطة صحة الاعتقاد وعدم تجاوز التفسير
بالمأثور، والإلمام بأصول العلوم المتصلة بالقرآن، واللغة العربية وفروعها، ودقة
الفهم. علماً أن تفسير القرآن بالرأي والاجتهاد من غير أصل حرام ولا يجوز الأخذ به.
لقوله تعالى: { ولا تقف ماليس لك به علم } الإسراء ـ من الآية 36، ولقوله صلى الله
عليه وسلم: ( من قال في القرآن برأيه – أوبما لا يعلم – فليتبوأ
مقعده من النار
) أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود، وحسنه الترمذي. والكتب
االعلمي:يه كثيرة منها: مفاتيح الغيب لفخر الدين
الرازي.


التفسير العلمي:


كما جاء القرآن الكريم دعوة صريحة للإيمان الصحيح،
ومكارم الأخلاق، جاء دعوة صريحة للعلم والنظر والتفكر، ويكفي أن أول ما نزل منه
قوله تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ---- إلى قوله علم الإنسان
مالم يعلم
) سورة العلق: آية 1 – 5. ولا نجد كتاباً سماوياً كرم العلم، ودعا
في مواضع كثيرة، للتزود من منهل هذا العلم كهذا
القرآن.

حكمه: اختلف العلماء في موضوع التفسير
العلمي بين مؤيد ومعارض، والذي يراه معظم المتبحرين في علوم القرآن الكريم: أن
التفسير العلمي ضرورة تتطلبه ظروف العصر الحاضر، شريطة أن يتهيأ لذلك ذوو الاختصاص
والخبرة، وشريطة أن لا يكون التفسير حسب نظريات وهمية متداعية، أونظريات متغيرة، بل
لابد أن يكون حسب الحقائق العلمية الثابتة. الخ.أخذ بعين الاعتبار أن القرآن الكريم
كتاب هداية وإعجاز وليس كتاب طب أو هندسة أو كيمياء..... الخ
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
10-التفسير والتأويل*** الجزء العاشر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  9-المحكم والمتشابه*** الجزء التاسع
»  5-أسباب النزول*** الجزء الخامس
»  6- جمع القرآن الكريم*** الجزء السادس
» 7- القراءات والقراء*** الجزء السابع
»  8- الناسخ والمنسوخ*** الجزء الثامن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.atyab-nass.com :: قسم منتديات اسلامية :: تفسير القران-
انتقل الى: