الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا النبي الأعظم محمد بن عبد الله (ص) وعلى آله الميامين وصحبه المنتجبين.
- قال الله عز وجل في كتابه المجيد:
{الذين يُبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيب} (1)
- انطلقت جمعية القرآن الكريم في لبنان بهمّةٍ وثبات منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، لتُبلّغ رسالة الله سبحانه من خلال هذا الكتاب الالهي العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، متلفعةً بالورع، ومزدانةً بالتقوى، ومغلفةً بالخشية من الله وحده - جلَّت قدرته -.
فكانت هذه الانطلاقة القرآنية الموفّقة، هي اللبنة الأساس في بناء هذا الكيان القرآني الشامخ، الذي شاء الله تعالى أن يتأصل ويتجذّر في إعماق المجتمع الاسلامي والقرآني.
وها - نحن الآن - نلمس بشكل جلي ثمرات ذلك العمل الدؤوب، والجهد الحثيث، والتواصل الدائم، فكان الوعي القرآني المتنامي، والحرص الواضح على حفظ القرآن وتلاوته، ومعرفة تفسيره، ودراسة علومه، من قبل جمهور عريض من مجتمعنا يدعو - بحق - الى الارتياح والتفاؤل الكبير بمستقبل هذه الآية التي تسعى بصدق واهتمام الى الالتزام بدينها وقيمها وكتابها المجيد.
وقد جاء الحث على حفظ القرآن وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار بشكل أكيد من قبل صاحب الرسالة المحمدية الحبيب المصطفى (ص) إذ يقول:
«من قرأ القرآن حتى يستظهره ويحفظه أدخله الله الجنة وشفّعه في عشرة من أهل بيته، كلُهُم قد وجبت لهم النار» (2).
- أما الاستئناس بالقرآن، فله شأن آخر في النيل من هذه المأدبة الالهية الغنيّة، فها هو الامام زين العابدين (ع) يحثنا على العيش الدائم مع القرآن في الليل والنهار ويقول:
«لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشتُ بعد أن يكون القرآن معي» (3).
ولا بد لنا أن نشير ونحن نقدّم لهذا الكتاب الموسوم بـ (قواعد حفظ القرآن الكريم وطرق تعليمه) أن هذا الكتاب قد أبصر النور بعد أن تهيأت له كل أسباب نضوجه واستوائه من خلال التجربة الفنية التي اكتسبتها جمعية القرآن الكريم وهي تحتضن مشروع حفظ القرآن لمجموعة كبيرة من الطلاب منذ ما يقارب أو يزيد قليلاً مع الأربع سنوات، عاشتها بكل تفصيلاتها ومعاناتها، وهي - بلا شك - تجربة لا يستهان بها أبداً في الميدان العملي، فجاءت الدراسة متأنية وواعية ودقيقة، تنُمُّ عن دراية ودربة، بالامكان وصفها موضع التنفيذ لمن يريد أن يعيش مع القرآن ليكون من اهله وحَمَلَتِهِ وخاصتِهِ.
- ولا يسعنا - ونحن - نضع هذا الجهد التخصصي البحث بين يدي الطالب والقارىء إلا أن يشكر بامتنان وعرفان للجميل لمن اسهم معنا برأي أو ملاحظة أو تجربة، لا سيما أساتذة الحفظ والمتخصصين، نخص بالذكر منهم الأستاذ الحافظ برهيزگار، والاستاذ الحافظ الشيخ الحاج ابو القاسم.
ونحن - بدورنا في جمعية القرآن الكريم - نُقدِّم هذا العمل المبارك والمتواضع ونهدي ثوابه الى الأرواح الطاهرة ولكل شهداء المقاومة الاسلامية في شتى بقاع العالم - زادهم الله علواً ورفعةً في الدنيا والآخرة - لا سيما الشهيد المجاهد قائد الانتصارين الحاج عماد مغنية (رضوان الله تعالى عليه).
اللهمَّ فتقبّل منّا هذا القليل بقبولك الحسن وأنبته نباتاً حسناً إنّك سميع مجيب.
{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}
صدق الله العلي العظيم