بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الرابع
(1)
بعض آيات من سورة ال
عمران
الوحدة بين شعوب الأمة الإسلامية
ومبدأ التكامل بين
الدول
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً
وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ
عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ- 103
وتمسَّكوا
جميعًا بكتاب ربكم وهدي نبيكم, ولا تفعلوا ما يؤدي إلى فرقتكم.
المنطقة
العربية من الخليج الي المحيط تربطها الجغرفيا الواحدة واللغة الواحدة والتكامل
الطبيعي بين مناطقها من حيث الزراعة والصناعة والعمالة والثروات الطبيعية وفوق كل
هذا يوحد بينها الدين الواحد - فهذه أرض الرسالات - إن أمل كل عربي من المحيط إلى
الخليج - أمل الكبار أمل الشباب أمل النساء حتى أمل الأطفال - هو تحقيق اتحاد الأمة
بما تمثله من قوة وحفاظا على ثرواتنا من طمع الغرب والشرق .
وليس غريبا على
الدولة الإسلامية أن تحتضنن طوائف وملل مختلفة , فالإسلام هو التسامح , وقد دل على
ذلك تاريخة, واليوم مانراه من افتعال للصراع الطائفي ماهو إلا كذبة صنعها أعداء
الإسلام , وصدقها بعض المحللين , فإن التعايش السلمي بين أبناء المنطقة هو الأصل
الذي نلمسه جميعا من المشرق الى المغرب, سواء بين طوائف إسلامية أو دينية أخرى,
فالجميع يسود بينهم الحب والتعاون ,أما الصراع الطائفي فهذه كذبة يراد بها إحتلال
المنطقة برمتها.
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا
لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ
بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ – 159 الأنعام
قد نختلف في بعض الآراء ولكن في
إطار علمي
مثل علماء المدارس الفقهية , كل بحسب فهمه للنص
الذي يحتمل وجوه
عديدة , وفي ذلك مرونة لصلاحية الشريعة لكل
زمان ومكان ..
أما مانراه اليوم
من نزاع وفرقة وضعف فليس من الإسلام في شئ
فلو تصورنا أن العالم الإسلامي يجمعهم
كيان واحد
مع إعتبار إستقلالية الدول كما هي.
ولكن يجمعهم سوق مشتركة ,
يجمعهم دفاع مشترك ,
تجمعهم شبكة مواصلات موحدة ميسرة لتنقل المسلم بحرية في
بلاد الإسلام.
تجمعهم عملة مشتركة , يجمعهم مشاريع زراعية وصناعية مشتركة
حيث
التكامل التجاري فيما بينهم.
أود أن يتيقن المسلمون في كل مكان أنه مالم
تتوحد الأمة و ما لم يتحقق الإستقلال السياسي الحقيقي وما لم يتم وقف استغلالها
طائفياً وقومياً وقبليةً لصالح الدول الكبرى ومالم تُعَد صياغة هذه الأمة وتشكيلها
بحسب مكوناتها كأمة تجمع بينها عقيدة ورسالة تمثل منهج حياة ودعوة للإنسانية جمعاء،
فإنها ستبقى خائرة القوى صريعة على مذابح الآخرين .
وَأَطِيعُوا اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ
اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ – 46الأنفال
وقد كان للصحابة رضي الله عنهم في باب
الشجاعة والائتمار بما أمرهم الله ورسوله به وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد
من الأمم والقرون قبلهم ولا يكون لأحد ممن بعدهم فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة
مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم من الروم والفرس والترك والصقالبة
والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط وطوائف بني آدم . قهروا الجميع حتى علت كلمة
الله وظهر دينه على سائر الأديان وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها
في أقل من ثلاثين سنة فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين وحشرنا في زمرتهم إنه كريم
وهاب.
ولترسيخ مبدأ الوحدة بين المسلمين
شرعت صلاة الجماعة في جميع
الأوقات في المساجد .
ثم يجتمع الجميع في المسجد الجامع
يوم الجمعة حيث
الشحنة الإيمانية التي تملئ القلوب
بحب الله تعالى , وحب رسوله صلى الله عليه
وسلم , وحب المؤمنين
وحب الهداية للناس أجمعين.
وكذلك فريضة الزكاة , حيث
تدعم الصلة بين الأغنياء والفقراء , ونشر روح الحب بين أفراد المجتمع , فلا حقد ولا
حسد , فالكل يتعاون لرفعة مجتمعه .
وانظر إلى فريضة الحج وكيف تجمع قلوب
المؤمنين على صعيد عرفة في ميقات واحد محدد لا يتخلف عنه فرد في أنحاء العالم
.
أما فريضة الصوم , فهي تجمع شمل الأمة في بدء صومها ويوم عيدها .
فيعيشوا
شهرا كاملا على قلب واحد من صيام وقيام وزكاة فطر وترقب ليلة القدر.
واذكروا
نعمة الله عليكم
إذ كنتم -أيها المؤمنون- قبل الإسلام أعداء (قبائل متفرقة),
فجمع الله قلوبكم على محبته ومحبة رسوله
, وألقى في قلوبكم محبة بعضكم لبعض,
فأصبحتم -بفضله- إخوانا متحابين,
وكنتم على حافة نار جهنم بكفركم وشرككم ,
فهداكم الله بالإسلام ونجَّاكم من النار.
وكما بيَّن الله لكم معالم الإيمان
الصحيح فكذلك يبيِّن لكم كل ما فيه صلاحكم; لتهتدوا إلى سبيل الرشاد, وتسلكوها, فلا
تضلوا عنها
******
وإلى بقية الجزء إنشاء الله تعالى