jawharat_lislam مدير
عدد المساهمات : 1297 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 04/03/2013
| موضوع: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - مع الجزء التاسع و العشرون3 السبت مارس 09, 2013 7:59 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء التاسع و العشرون(3)وبعض آيات من سورة القلمالخلق العظيمن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ – 1 مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ– 2 وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ – 3 وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ – 4فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ – 5 بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ – 6 إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ - 7تبدأ السورة بقسم الله تعالى بالقلم وما يخطه الكاتبون, والقلم وسيلة للكتابة تتطور عبر العصور ونراه الأن في الألواح الألكترونية وأجهزة الكمبيوتر المختلفة الأحجام والأشكال..والكتابة وسيلة لإظهار العلوم التي أودعها الله تعالى في عقول البشر..فكل ما نراه من إبداعات وصناعات وإنشاءات لابد لها من تصميمات تخطه الأقلام أولا..وبهذه النعمة- نعمة العلم- لا يتأتى منها الجنون .. بل يأتي منها اليقين بالله الخالق, وتأتي بتزكية النفس بالعلم والأخلاق والعمل الصالح التي يؤدي للسعادة في الدنيا والخلود في جنات النعيم..والكتابة لها أهميتها للأمة الإسلامية لتقوم بنقل هذه العقيدة وما يقوم عليها من مناهج الحياة إلى أرجاء الأرض . ثم لتنهض بقيادة البشرية قيادة رشيدة . وما من شك أن الكتابة عنصر أساسي في النهوض بهذه المهمة الكبرى...ومما يؤكد هذا المفهوم أن يبدأ الوحي بقوله تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ) العلقوكان هذا حلقة من المنهج الإلهي لتربية هذه الأمة وإعدادها للقيام بالدور الكوني الضخم الذي قدره لها .مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ – 2وإن العجب ليأخذ كل دارس لسيرة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] في قومه , من قولتهم هذه عنه , وهم الذين علموا منه رجاحة العقل حتى حكموه بينهم في رفع الحجر الأسود قبل النبوة بأعوام كثيرة . وهم الذين لقبوه بالأمين , وظلوا يستودعونه أماناتهم حتى يوم هجرته , بعد عدائهم العنيف له , فقد ثبت أن عليا - كرم الله وجهه - تخلف عن رسول الله أياما في مكة , ليرد إليهم ودائعهم التي كانت عنده ; حتى وهم يحادونه ويعادونه ذلك العداء العنيف . وهم الذين لم يعرفوا عليه كذبة واحدة قبل البعثة . فلما سأل هرقل أبا سفيان عنه:هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل نبوته ? قال أبو سفيان - وهو عدوه قبل إسلامه - لا , فقال هرقل:ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله...إن الإنسان ليأخذه العجب أن يبلغ الغيظ بالناس إلى الحد الذي يدفع مشركي قريش إلى أن يقولوا هذه القولة وغيرها عن هذا الإنسان الرفيع الكريم , المشهور بينهم برجاحة العقل وبالخلق القويم . ولكن الحقد يعمي ويصم , والغرض يقذف بالفرية دون تحرج ... وقائلها يعرف قبل كل أحد , أنه كذاب أثيم ...وهذا ما يحدث في عصرنا الحديث من أعداء الإسلام.مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ – 2 وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ – 3 وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ – 4عظمة خلق الرسول عليه السلامتجيء الشهادة الكبرى والتكريم العظيم وتتجاوب أرجاء الوجود بهذا الثناء الفريد على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ; ويثبت هذا الثناء العلوي في صميم الوجود ... ويعجز كل قلم , ويعجز كل تصور , عن وصف قيمة هذه الكلمة العظيمة من رب الوجود , وهي شهادة من الله تعالى , في ميزان الله , لعبد الله , يقول له فيها وإنك لعلى خلق عظيم ). ومدلول الخلق العظيم هو ما هو عند الله مما لا يبلغ إلى إدراك مداه أحد من العالمين ..ودلالة هذه الكلمة العظيمة على عظمة رسول الله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] تبرز من كونها كلمة من الله الكبير المتعال .. وتتردد في الملأ الأعلى إلى ما شاء الله تعالى...ولقد رويت عن عظمة خلقه صلى الله عليه وسلم في السيرة , وعلى لسان أصحابه روايات منوعة كثيرة . وكان واقع سيرته أعظم شهادة من كل ما روي عنه . ولكن هذه الكلمة أعظم بدلالتها من كل شيء آخر . أعظم بصدورها عن العلي الكبير . وأعظم بتلقي محمد لها وهو يعلم من هو العلي الكبير , وبقائه بعدها ثابتا راسخا مطمئنا . لا يتكبر على العباد , ولا ينتفخ , ولا يتعاظم , وهو الذى سمع ما سمع من العلى الكبير: ( الله أعلم حيث يجعل رسالته...124 الأنعام ) . وما كان إلا رسول الله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] بعظمة نفسه هذه - من يحمل هذه الرسالة الأخيرة بكل عظمتها الكونية الكبرى . فيكون كفئا لها , كما يكون صورة حية منها . إن هذه الرسالة من الكمال والجمال , والعظمة والشمول , والصدق والحق , بحيث لا يحملها إلا الرجل الذي يثني عليه الله هذا الثناء . فتطيق شخصيته كذلك تلقي هذا الثناء . في تماسك وفي توازن , وفي طمأنينة . طمأنينة القلب الكبير الذي يسع حقيقة تلك الرسالة وحقيقة هذا الثناء العظيم . ثم يتلقى - بعد ذلك - عتاب ربه له ومؤاخذته إياه على بعض تصرفاته , بذات التماسك وذات التوازن وذات الطمأنينة . ويعلن هذه كما يعلن تلك , لا يكتم من هذه شيئا ولا تلك . . وهو هو في كلتا الحالتين النبي الكريم . والعبد الطائع . والمبلغ الأمين صلى الله عليه وسلم..والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " . . فيلخص رسالته في هذا الهدف النبيل . وتتوارد أحاديثه تترى في الحض على كل خلق كريم .وتقوم سيرته الشخصية مثالا حيا وصفحة نقية , وصورة رفيعة , تستحق من الله أن يقول عنها في كتابه الخالد وإنك لعلى خلق عظيم ). .وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين، عائشة -رضي الله عنها- لمن سألها عن خلقه ، فقالت: " كان خلقه القرآن "،وذلك نحو قوله تعالى له: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ – 199 الأعراف ﴾ ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ..... - 159 ال عمران ﴾ - ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيُصُ عَلَيْكُم بِالمْؤُمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ – 128 التوبة ﴾ فكان صلى الله عليه وسلم سهلًا لينا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه، قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أمرًا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور،وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم...فهي أخلاقيات لم تنبع من البيئة , ولا من اعتبارات أرضية إطلاقا ; وهي لا تستمد ولا تعتمد على اعتبار من اعتبارات العرف أو المصلحة أو الارتباطات التي كانت قائمة عند العرب في الجاهلية. إنما تستمد من رسالة الله وتعتمد على رسالة الله تعالى ( القرآن العظيم )..لكي يصبح الإنسان أهلا لتكريم الله له واستخلافه في الأرض ; وكي يتأهلوا للحياة الرفيعة الأخرى:( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ - 55 القمر ). *********وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى | |
|