بسم الله الرحمن الرحيم
أنبياء الله في القرآن العظيم
(أدم عليه
السلام)
وبعض آيات من سورة الأعراف
وَإِذَا
فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا
بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ
مَا لَا تَعْلَمُونَ – 28
قُلْ أَمَرَ رَبِّي
بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ – 29
فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ
إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ
أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ – 30
لقد أمر الله
بالعدل والاعتدال في الأمور كلها لا بالفحش والتجاوز . وأمر بالاستقامة على منهج
الله في العبادة والشعائر , والاستمداد مما جاء في كتابه القرآن العظيم وسنة رسوله
[ صلى الله عليه وسلم ] ولم يجعل المسألة فوضى , يقول فيها كل إنسان بهواه , ثم
يزعم أنه من الله .
وأمر بأن تكون الدينونة خالصة له , والعبودية كاملة له ; فلا
يدين أحد لأحد لذاته ولا يخضع أحد لأمر أحد لذاته :
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ
وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ..
هذا ما أمر الله به , وهو يضاد للشرائع التي
وضعها العباد لعباد مثلهم , مع دعواهم أن الله أمرهم بها . . ويضاد العري
والتكشف.
وقد امتن الله على بني آدم بأنه أنزل عليهم لباساً يواري سوآتهم وريشاً
يتجملون به كذلك . .
********
كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ...
وعند هذا
المقطع من البيان يجيء التذكير والإنذار ; ويلوّح لهم بالمعاد إلى الله بعد انتهاء
ما هم فيه من أجل مرسوم للابتلاء ; وبمشهدهم في العودة وهم فريقان :
الفريق
الذي اتبع أمر الله , والفريق الذي اتبع أمر الشيطان..
فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ
إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ
أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ .
إنها لقطة واحدة عجيبة تجمع نقطة البدء
في الرحلة الكبرى ونقطة النهاية .
نقطة الانطلاق في البدء ونقطة المآب في
الانتهاء:
كَمَا بَدَأَكُمْ
تَعُودُونَ ..
وقد بدأوا الرحلة
فريقين : آدم وزوجه . والشيطان وقبيله . .
وكذلك سيعودون . .
الطائعون سيعودون فريقاً مع أبيهم آدم وأمهم حواء المسلمين المؤمنين بالله المتبعين
لأمر الله . .
والعصاة سيعودون مع إبليس وقبيله , يملأ الله منهم جهنم ,
بولائهم لإبليس وولايته لهم . وهم يحسبون أنهم مهتدون .
لقد هدى الله
من جعل ولايته لله . وأضل من جعل ولايته للشيطان . .
وهاهم أولاء عائدين فريقين :
فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ
عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ
اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ .
﴿ فَرِيقًا ﴾ منكم ﴿ هَدَى ﴾
اللّه، أي : وفقهم للهداية ، ويسر لهم أسبابها ، وصرف عنهم موانعها .
﴿ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ﴾ أي : وجبت
عليهم الضلالة بما تسببوا لأنفسهم وعملوا بأسباب الغواية.
فـ ﴿ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ ﴾
وقال تعالى في الأية 119 من سورة النساء
: ﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ
فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً ﴾
فحين انسلخوا من ولاية الرحمن،
واستحبوا ولاية الشيطان، حصل لهم النصيب الوافر من الخذلان ، ووكلوا إلى أنفسهم
فخسروا أشد الخسران.
﴿ وَهم يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
مُهْتَدُونَ ﴾ لأنهم انقلبت عليهم الحقائق ، فظنوا الباطل حقا والحق باطلا
..
فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فلا يضل إلا عليها.. حيث لا عذر بعد هذا
البيان القرأني العظيم..
********
دمتم في رعاية الله
وأمنه
وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى