المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم ..الجزء الثاني
كاتب الموضوع
رسالة
jawharat_lislam مدير
عدد المساهمات : 1297 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 04/03/2013
موضوع: المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم ..الجزء الثاني الخميس مارس 07, 2013 5:41 am
المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الثاني
الوحي
أ - تعريفه: لغة: الإعلام في خفاء بسرعة، تقول: أوحيت إلى فلان إذا كلمته خفاء . ومن معناه اللغوي • الإلهام الفطري للإنسان، كالوحي إلى أم موسى. قال تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ }[اقصص:7] • الإلهام الغريزي للحيوان، كالوحي إلى النَّحل . قال تعالى: { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } [النحل: 68]. • الإشارة السريعة على سبيل الرمز والإيحاء. قال تعالى عن زكريا: { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } [مريم: 11]. • وسوسة الشيطان وتزيينه الشرَّ في نفس الإنسان. قال تعالى: { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ } [ الأنعام: 121]. • أمر الله إلى الملائكة في قوله تعالى:{ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا } [ الأنفال: 12]. وأما شرعاً:هو كلام الله المنزل على نبي من أنبيائه بطريقة خفية سريعة، غير معتادة للبشر. وأما كيفية وحي الله تعالى إلى رسله فهو على عدة أشكال:
1-بواسطة جبريل عليه السلام
2-بغير واسطة
أ-مثل الرؤيا الصالحة في المنام. عن عائشة رضي الله عنها قالت أول ما بدىء به صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. (فتح الباري شرح صحيح البخاري، رقم : 3 ). ب- التكليم الإلهي من وراء حجاب يقظة . قال تعالى: { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } [النساء: 164]. جـ- التكليم ليلة الإسراء والمعراج مباشرة بلا واسطة [ فتح الباري 1/19].
جـ- كيفية نزول جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم.
الحالة الأولى: يأتيه مثل صلصلة الجرس - هو في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض ، ثم أطلق على كل صوت له طنين كما جاء في [ فتح الباري 1/20 ] -، وهو أشده على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن هذه الحالة: انسلاخ من البشرية الجسمانية واتصال بالملكية الروحانية. الحالة الثانية: أن يتمثل له الملك رجلاً، ويأتيه في صورة بشر، فإن جبريل عليه السلام قد تمثل في صور كثيرة ، منها : في صورة دِحية الكلبي ، وصورة أعرابي كما ذكرت ذلك كتب السير والسنن ومنها ما جاء في [ فتح الباري 1/19 بتصرف ]. وهذه الحالة أخف على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنها عكس الحالة الأولى، فهي الملك من الروحانية المحضة إلى البشرية الجسمانية دليل الحالتين: روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليَّ فَيَفْصم عني (أي يقطع ويتجلى ما يغشاني ) وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول. [فتح الباري شرح صحيح البخاري رقم: 2] . الحالة الثالثة: النفث في الرُّوْع (أي الإلقاء في القلب والخاطر). ودليل هذا ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
" أن روح القدس نفث في رُوْعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجَلها، وتستوعب رزقها …" الحالة الرابعة: دوي النَّحْل(صوت النحل). ودليل هذا ما قاله سيدنا عمر بن الخطاب: كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيُ يُسمَع عند وجهه دويٌ كدوي النَّحْل …
د- آثار الوحي ومظاهره على النبي صلى الله عليه وسلم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: { لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } [ القيامة: 16]، قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك شفتيه… فأنزل الله عز وجل: { لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } [القيامة: 16-17] قال: جمعه لك في صدرك. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع ، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما كان قرأ.
ومن آثار الوحي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي سُمع عند وجهه دويٌّ كدوي النحل. ومنها أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي ثقل جسمه حتى يكاد يرضّ فخذه فخذ الجالس إلى جنبه.
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه: { لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [ النساء: 95]. فجاء ابن مكتوم وهو يُمِلُّها عليّ، قال: يا رسول الله. والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت-وكان أعمى فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي، فثقلت عليَّ حتى خفت أن ترضّ فخذي، ثم سُرِّيَ عنه فأنزل الله: { غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ } [النساء: 95 ].(البخاري 2677) ومنها أنه صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي بركت به راحلته. عن عائشة رضي الله عنها قالت:إن كان يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته فتضرب، بِجِرانها ( الجِران : باطن عنق الناقة). رواه الإمام أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه. وأما كيفية أخذ جبريل القرآن الكريم، فمن الأقوال المشهورة في هذا الموضوع: أن جبريل كان يحفظه من اللوح وينزل به إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وقيل: إن جبريل تلقى القرآن من الله سماعاً ونزل بما سمع.
أما كيفية أخذ – الرسول – صلى الله عليه وسلم – القرآن من جبريل: فقد أخذ الرسول – صلى الله عليه وسلم – القرآن من جبريل بطريقتين هما:
الأول: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان ينخلع من صورة البشرية إلى صورة الملكية فيأخذه.
الثاني: أن جبريل كان ينخلع من الملكية إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه، والأول أصعب الحالين. فأحياناً كان الملك يأتي في مثل صلصلة الجرس فيغط الرسول – صلى الله عليه وسلم – ويتغير لونه ويشتد عرقه حتى ينحدر منه في اليوم الشديد البرد. وهذه الحالة كانت أشد حالات الوحي عليه. وهاتان الحالتان وردتا في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أن الحارث بن هشام – رضي الله عنه – سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: ( يا رسول الله.. كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليّ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول ) (صحيح البخاري) .
وابتدأ إنزال القرآن الكريم على الرسول – صلى الله عليه وسلم – بابتداء بعثته في سن الأربعين على الأصح، وانتهى إنزاله بقرب انتهاء حياته، فتكون المدة التي نزل فيها القرآن الكريم نحو ثلاث وعشرين سنة، ثلاث عشرة منها بمكة وعشر بالمدينة.
المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم ..الجزء الثاني