بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثلاثون
(17)
وبعض آيات من سورة
الفجر
تحدثنا في اللقاء السابق عن أهمية أوقات الصلاة وتأثيرها الإيجابي في
ضبط مواعيد حركات الإنسان في حياته سواء منها العملية أو التعبدية أو الراحة
والاستجمام..
وتحدثنا عن أهمية البكور
ففي الحديث الصحيح قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :
بورك لأمتي في
بكورها...
الراوي: عبدالله بن عمر و أبو
هريرة
المصدر: صحيح الجامع - الألباني
******
وبعون الله
تعالى نتحدث عن التوازن الإجتماعي في المجتمع بين الأغنياء والفقراء , وكفالة
الأيتام ..ومساعدة المساكين على الحياة..
فَأَمَّا
الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ
رَبِّي أَكْرَمَنِ – 15 وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ
فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي - 16 كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ – 17
وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ – 18 وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ
أَكْلًا لَمًّا – 19 وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا – 20
يخبر
تعالى عن طبيعة الإنسان من حيث أنه لا علم له بالعواقب .
وهو في كلتا الحالتين
مخطئ في التصور ومخطئ في التقدير .
فبسط الرزق أو قبضه ابتلاء من الله لعبده .
ليظهر منه الشكر على النعمة أو البطر . ويظهر منه الصبر على المحنة أو الضجر .
والجزاء على ما يظهر منه بعد . وليس ما أعطي من عرض الدنيا أو منع هو الجزاء . .
وقيمة العبد عند الله لا تتعلق بما عنده من
عرض الدنيا .
ورضى الله أو
سخطه لا يستدل عليه بالمنح والمنع في هذه الأرض .
فهو يعطي
الصالح والطالح ، ويمنع الصالح والطالح . ولكن ما وراء هذا وذلك هو الذي عليه
المعول . إنه يعطي ليبتلي ويمنع ليبتلي . والمعول عليه هو نتيجة الابتلاء...
غير أن الإنسان - حين يخلو قلبه من الإيمان - لا يدرك حكمة المنع والعطاء
.
وفي الحديث القدسي :
يقول رب العزة
: ابن آدم عندك ما يكفيك، و أنت تطلب ما يطغيك، ابن آدم لا بقليل تقنع، و لا بكثير
تشبع . ابن آدم إذا أصبحت معافى في جسدك، آمنا في سربك، عندك قوت يومك، فعلى الدنيا
العفاء..
الراوي: عبدالله بن عمر - خلاصة حكم
المحدث: صحيح المصدر: الجامع الصغير
والإنسان البعيد عن الإيمان
ينظر إلى المال والجاه بأنهما كل شئ وليس وراءهما مقياس ... ومن ثم فإن تكالبهم على
المال عظيما ، وحبهم له حبا طاغيا ، مما يورثهم شراهة وطمعا . كما يورثهم حرصا وشحا
...
ومن ثم يكشف الله تعالى لهم عن ذوات صدورهم في هذا المجال ، ويقرر أن
هذا الشره والشح هما علة خطئهم في إدراك معنى الابتلاء من وراء البسط والقبض في
الأرزاق ...
كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ –
17 وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ – 18 وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ
أَكْلًا لَمًّا – 19 وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا – 20
كلا
ليس الأمر كما يقول الإنسان الخاوي من الإيمان . ليس بسط الرزق دليلا على الكرامة
عند الله . وليس تضييق الرزق دليلا على المهانة والإهمال .
إنما الأمر أنكم
لا تنهضون بحق العطاء ، ولا توفون بحق المال . فأنتم لا تكرمون اليتيم الصغير الذي
فقد حاميه وكافله حين فقد أباه ، ولا تحاضون فيما بينكم على إطعام المسكين . الساكن
الذي لا يتعرض للسؤال وهو محتاج ...
وقد اعتبر عدم التحاض والتواصي على
إطعام المسكين قبيحا مستنكرا . كما يوحي بضرورة التكافل في الجماعة في التوجيه إلى
الواجب وإلى الخير العام . وهذه سمة الإسلام ....
. . إنكم لا تدركون معنى
الابتلاء . فلا تحاولون النجاح فيه ، بإكرام اليتيم والتواصي على إطعام المسكين ،
بل أنتم - على العكس - تأكلون الميراث أكلا شرها جشعا ؛ وتحبون المال حبا كثيرا
طاغيا ، لا يستبقي في نفوسكم أريحية ولا مكرمة مع المحتاجين إلى الإكرام والطعام
...
وقد ورد في الحديث الشريف , قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا . وأشار بالسبابة والوسطى ، وفرج
بينهما شيئا..
الراوي: سهل بن سعد الساعدي - رواه : البخاري
خلاصة حكم المحدث: صحيح
هل أدركنا حقيقة الإيمان ؟ بأنه سلوك
ينظم حياة الإنسان , سواءا الغني أو الفقير . وأن الحكمة في توزيع الثروة على أهل
الأرض إنما هو ابتلاء واختبار , فإن الجميع متساون في الحياة والموت ولن يأخذ إنسان
ماله إلى قبره.. بل الحساب على مصدر المال وعلى طريقة إنفاقه..
وقد ورد في الحديث الشريف , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا
تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه ، حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيم أفناه ؟
و عن شبابه فيم أبلاه ؟ و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ؟ و ماذا عمل فيما علم
؟
الراوي: عبدالله بن مسعود
: الألباني - المصدر: صحيح
الجامع
خلاصة حكم المحدث: حسن
*******
وإلى بقية الجزء إن
شاء الله تعالى