بسم الله الرحمن الرحيم
أنبياء الله في القرآن العظيم
(أدم عليه
السلام)
وبعض آيات من سورة طه
وَإِذْ
قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى
- 116
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ
لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى – 117
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى - 118 وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى –
119
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ
أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى -
120
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا
يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى
- 121
ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ
وَهَدَى - 122
*****
وهكذا تختم
قصة نبي الله " آدم " عليه وعلى نبينا وسائر الأنبياء الصلاة والسلام..
تختم
بالاصطفاء والتوبة والقرب من الله العلي الحكيم لأبينا آدم..
ونلاحظ من الآيات
السابقة طبيعة الحياة على الأرض ...
(
فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى )
فالحياة على الأرض تتسم بالمكابدة والكفاح وبذل الجهد
للوصول إلى العيش الكريم , قال تعالى في سورة البلد : ( لَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ )
والمؤمن يبذل جهده في وجوه الخير
طيلة العمر حتى يلاقي ربه مخلصا من كل شوائب الشرك , فالغاية عنده هي رضى الله
تعالى , حيث النعيم الأبدي.
أما غير المؤمن يبذل جهده في هذه الدنيا لغايات
عديدة منها صالحة وغير صالحة , فيحصل على نتائج ما يريد في الدنيا ولا نصيب له في
الأخرة إلا الشقاء . فقد شقي في الدنيا والأخرة .
قال تعالى: كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا
كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا – 20
الإسراء
******
وفي ظل رسالة الله تعالى يعيش المؤمن
في نعيم رغم عناء الدنيا ومشقتها .. ففي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم :
( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )
رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة..
فنعيم الأخرة
وجنات الخلد والعتق من النار هو الخروج من سجن الدنيا..
بينما تكون
الدنيا جنة للكافرين والمتكبرين لما يرونه من سجن الأخرة..
ففي الحديث
الشريف : الذي رواه الترمذي في سننه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من
كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يسمى : بولس تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من عصارة
أهل النار طينة الخبال..
******
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ
وَلَا يَشْقَى - 123
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى -124
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ
بَصِيرًا - 125 قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا
فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى -
126 وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ
رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى -
127
*******
(
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ
وَلَا يَشْقَى )
أي الكتب والرسل، فإن من اتبعه اتبع ما
أمر به ، واجتنب ما نهي عنه ، فإنه لا يضل في الدنيا ولا في الآخرة ، ولا يشقى
فيهما ، بل قد هدي إلى صراط مستقيم ، في الدنيا والآخرة ، وله السعادة والأمن في
الآخرة.
وقد نفى عنه الخوف والحزن في آية أخرى، بقوله : ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ
يَحْزَنُونَ -38 البقرة ﴾
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي ﴾ أي : كتابي الذي يتذكر به
جميع المطالب العالية ، وأن يتركه على وجه الإعراض عنه ، أو ما هو أعظم من ذلك، بأن
يكون على وجه الإنكار له، والكفر به ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنْكًا ﴾ أي : فإن جزاءه ، أن نجعل معيشته ضيقة مشقة ، ولا يكون ذلك إلا
عذابا.
وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر
فيه ويعذب ، جزاء لإعراضه عن ذكر ربه ..
وبعض المفسرين، يرى أن المعيشة
الضنك، عامة في دار الدنيا، بما يصيب المعرض عن ذكر ربه ، من الهموم والغموم
والآلام ، التي هي عذاب معجل ، وفي دار البرزخ ، وفي الدار الآخرة ، لإطلاق المعيشة
الضنك ، وعدم تقييدها.
﴿ وَنَحْشُرُهُ ﴾
أي: هذا المعرض عن ذكر ربه ﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَعْمَى ﴾ أي أعمى البصر على الصحيح ، كما قال تعالى : ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا
وَبُكْمًا وَصُمًّا – 97 الإسراء ﴾... (
تفسير السعدي )
قَالَ رَبِّ لِمَ
حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا - 125 قَالَ
كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى - 126 وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ
رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى -
127
******
وهكذا ندرك مدى أهمية القصص
القرآني في بناء العقيدة الصحيحة لدى الإنسان ..وتبصرته بحقيقة وجوده على الأرض ,
والمصير في البرزخ , والخلود الأبدي في الآخرة حيث النعيم للؤمنين , والعذاب
للكافرين..
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده المؤمنين
المخلصين..
مع النبين والصديقين والشهداء
والصالحين.
*******
وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى